بودكاستضيف شريف

خفايا القضاء وكواليس المحاكم مع القاضي عامر القضاة | بودكاست ضيف شريف

“البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”، قاعدة قانونية راسخة يسمعها الكثيرون، لكن قلةً من يدركون عمق الإجراءات وتعقيدات المسارات التي تكمن خلفها. فعالم المحاكم والقضاء، بما فيه من مصطلحات كالنيابة العامة، والاستئناف، والتمييز، يبدو للكثيرين عالماً مغلقاً لا تُكتشف أسراره إلا عند الوقوع في خصومة. كيف تبدأ القضية؟ وما هو الدور الحقيقي للمدعي العام؟ وهل القضاة مستقلون حقاً عن الضغوطات الخارجية؟

للإبحار في هذا العالم وفك شفراته، نستضيف القاضي المتقاعد والمحامي الحالي الأستاذ عامر القضاة، الذي أمضى أكثر من 25 عاماً في سلك القضاء، شاهداً ومشاركاً في تحقيق العدالة. في حوار صريح وعميق، يأخذنا في رحلة تبدأ من المركز الأمني، مروراً بمكتب المدعي العام، وصولاً إلى قاعة المحكمة وصدور الحكم، كاشفاً عن الجانب الإنساني لرجال القانون، ومسلطاً الضوء على التحديات التي تواجه ميزان العدالة في العصر الحديث.

مراحل البودكاست

المرحلة الأولى: أساسيات النظام القضائي (00:00:00 – 00:09:00)

  • 00:00:00 – مقدمة وتعريف بالضيف القاضي عامر القضاة.
  • 00:01:05 – رحلة القضية: شرح مبسط ومفصل لمسار القضية من الشكوى في المركز الأمني، مروراً بالمدعي العام والمحكمة، وصولاً إلى مراحل الاستئناف والتمييز.
  • 00:04:03 – استقلالية القاضي: مناقشة الضغوطات التي يتعرض لها القاضي، سواء ضغط حجم العمل أو التدخلات الخارجية من مختلف الجهات، وكيفية الحفاظ على استقلاليته.

المرحلة الثانية: هيكل القضاء وتحدياته القانونية (00:09:00 – 00:28:32)

  • 00:09:00 – القضاء العشائري ودوره الوقائي في المجتمع.
  • 00:10:02 – دور المجلس القضائي والتفتيش القضائي في حماية القضاة ومراقبة أعمالهم.
  • 00:13:34 – نظرة على احتياجات القضاة والتحديات التي يواجهونها في حياتهم المهنية والاجتماعية.
  • 00:15:15 – ثغرات قانونية: قضية إسقاط الحق الشخصي وتأثيرها على سير العدالة.
  • 00:18:23 – أسباب اختلاف الأحكام في قضايا متشابهة وتعدد جهات الاختصاص القضائي.
  • 00:23:47 – معضلة القاضي الوجدانية: عندما تتعارض القناعة الشخصية ببراءة متهم مع الأدلة الورقية.
  • 00:25:12 – سلطة المدعي العام وقراراته الحاسمة: شرح صلاحيات التوقيف ومفهوم “منع المحاكمة”.

المرحلة الثالثة: ديناميكيات العدالة والجانب الإنساني (00:28:32 – 00:50:11)

  • 00:32:44 – العلاقة التكاملية بين المدعي العام وجهاز الشرطة.
  • 00:35:07 – مفهوم “حفظ الأوراق” ومتى يقرره المدعي العام.
  • 00:36:32 – حقيقة “المحامي المؤثر” وتأثير المكانة الاجتماعية على سير القضايا.
  • 00:39:20 – الجانب الإنساني للقاضي: كيف يتعامل مع المتهم المستفز وقصة شخصية عن ضبط النفس.
  • 00:47:05 – أسباب إطالة أمد التقاضي والإصلاحات التي سرعت من وتيرة المحاكمات.
  • 00:49:39 – قضية شائكة: مدى قانونية تسجيل المكالمات الهاتفية كدليل.

المرحلة الرابعة: آليات العمل القضائي ورؤية إصلاحية (00:50:11 – 01:15:25)

  • 00:53:56 – دور “الخبير” كذراع مساند للمحكمة في القضايا الفنية.
  • 00:56:51 – حقيقة “العطلة القضائية” وأن المحاكم لا تتوقف عن العمل.
  • 00:59:46 – هل يوجد برنامج “حماية شهود” في الأردن؟
  • 01:02:04 – رؤية إصلاحية للقضاء: أهمية تحديث القوانين وتحسين أوضاع القضاة.
  • 01:09:40 – جدلية انتخاب القضاة مقابل تعيينهم، وبث المحاكمات على الهواء مباشرة.
  • 01:14:22 – تحليل قانون “منع الجرائم” وأهميته للحفاظ على السلم المجتمعي.

المرحلة الخامسة: القانون والمجتمع في العصر الرقمي (01:15:25 – 01:29:40)

  • 01:18:43 – الموازنة بين حرية التعبير وقوانين ازدراء الأديان والنيل من هيبة الدولة.
  • 01:21:01 – تجريم الزنا بين الحرية الشخصية وقدسية الرابطة الأسرية.
  • 01:23:28 – تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المنظومة الأخلاقية وتفكك العلاقات الأسرية.
  • 01:27:10 – خاتمة ورسالة إلى جيل القانون القادم من الشباب.
  • 01:29:21 – الكلمة الأخيرة لمقدم البودكاست.

بداية البودكاست

شريف الزعبي: الله يعطيكم العافية أينما كنتم تشاهدوننا، وأهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من “ضيف شريف”.

شريف الزعبي: يقال: “البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر”.

شريف الزعبي: رحبوا معي بضيفي اليوم، القاضي المتقاعد والمحامي الحالي، الأستاذ عامر القضاة. أهلاً وسهلاً بك وشرفتني.

القاضي عامر القضاة: الله يسلمك، أهلاً وسهلاً. كيف الحال يا سيدي؟ ما أخبارك؟ لجميع المشاهدين والمستمعين.

شريف الزعبي: الله يسعدك. كل عام وأنتم بخير بمناسبة العيد.

القاضي عامر القضاة: بالخير.

شريف الزعبي: الله يبارك فيك. بدايةً، أود أن أبدأ حديثي معك سيدي بـ… دعنا نُوعِّي المشاهد اليوم، المشاهد الأردني، المشاهد العربي، أنه ما وظيفة المحاكم اليوم؟ وما هو الوعي الذي من المفترض أن يصل إليه، أن يصله للمواطن؟ أي تفاصيل التي بداخل مكتب المدعي العام، النيابة العامة، الـ… يعني، كما يقولون، التسلسل الذي يسير فيه القضاء لحين صدور الحكم. وهذا الحكم أيضاً بعد أن يصدر، هناك شيء اسمه استئناف، وبعده شيء اسمه تمييز. يعني هذه التفاصيل البسيطة قد لا يدركها المواطن، فأنا أرغب هكذا أن أسمع منك يعني. وأهلاً وسهلاً بك.

القاضي عامر القضاة: الله يعطيك العافية. حقيقةً فيما يتعلق بالسؤال الذي طرحته، هو غائب عن ذهن الكثيرين، الكثيرين من المواطنين. موضوع الفهم القانوني، والسبب بسيط بأنه كل العلوم تُدرَّس في المدارس منذ النشأة، كل العلوم تُدرَّس، إلا العلم القانوني. أنت تدرك معنى الفهم القانوني حينما تتخصص في مادة الحقوق أو القانون في الجامعة، أو تحدث معك قضية وتلجأ إلى محامٍ. لكن، ماذا يدور في المحاكم فيما لو تعرضت أنت، سواء كنت المشتكي، الذي هو نسميه المجني عليه، أو سواء كنت المشتكى عليه؟ ما الذي تبدأ به؟ أين تتوجه؟ فأنت كمشتكٍ في البداية تصل إلى المركز الأمني، تعطي إفادتك، ومن ثم تنتقل هذه الأوراق من خلال المركز الأمني إلى المدعي العام الذي يستقبل القضية ويقوم بتكييف الجرم بعد سماع أقوال الطرفين. وهناك قضايا تصل إلى قاضي الصلح مباشرةً دون المرور بالمدعي العام. وأيضاً هناك قضايا تصل إلى القاضي مباشرةً بشكوى من المواطن نفسه دون أن تمر على المركز الأمني. ومن ثم يبدأ سيناريو القضية. القاضي يستمع للمشتكي ابتداءً، وبينات المشتكي، ثم يأتي دور المشتكى عليه يدافع عن نفسه، يصدر الحكم إما بالإدانة أو بالبراءة أو بعدم المسؤولية. للمواطن الحق، لأن المحكمة من درجتين، إذا لم يرق له هذا الحكم، له الحق أن يستأنف.

شريف الزعبي: درجتان، القضاء في الأردن على درجتين؟

القاضي عامر القضاة: آه، يعني البداية والصلح درجة، والاستئناف درجة. المحاكم ثلاثة أنواع عندنا: محكمة الصلح والبداية درجة، الاستئناف درجة، التمييز هي محكمة قانون وليست درجة من درجات التقاضي. محكمة التمييز تراقب الوضع القانوني لأي قضية ومدى تطبيق نصوص القانون على الواقعة التي حصلت. فإذا لم يرق له الحكم أمام قاضي الصلح، يستطيع أن يستأنف هذا الحكم ضمن مدد معينة. يصدر قرار محكمة الاستئناف في الجنح وهو قرار قطعي. هناك طريق آخر، ربما بعيد عن أن المواطن يعني يقدر أن يفسره، الذي هو النقض بأمر خطي. أيضاً يستطيع أن يتظلم لمعالي وزير العدل أو لعطوفة رئيس النيابة العامة، ويطلب عرض هذه القضية على محكمة التمييز إذا كان الحكم قد صدر فيها قطعياً. لكن مهم جداً أن نعرف بأنه المدعي العام هو الذي يتلقى القضية، هو الذي يباشر التحقيق فيها، هو الذي يكيفها. إذا رأى أن هناك بينة يحيلها إلى المحكمة. إذا رأى أنه لا يوجد بينة يقرر فيها حفظ الأوراق أو يقرر منع المحاكمة. هذه صلاحيات للمدعي العام.

شريف الزعبي: سوف نأتي نحن لموضوع حفظ الأوراق والقضايا ونحوها. خلال ست وثلاثين سنة يا سيدي…

القاضي عامر القضاة: لا، لا. هن ست وثلاثون، تصحيح. آه، أنا خدمت في المحاكم خمساً وعشرين سنة وأربعة أشهر.

شريف الزعبي: خمس وعشرون… خمس وعشرون سنة وأربعة أشهر. أنا أقول خلال كل الخبرة، مع كل الخبرة، خلال كل الخبرة، هل فعلياً هناك ضغط على القاضي أو ضغط على قراراته؟ وكيف تتعاملون مع هذه القصة؟

القاضي عامر القضاة: يجب أن نفرق بين الضغطين. السؤال… يعني فهمته… الضغط الخارجي، دعنا نقول، وليس الضغط المادي. الضغط المادي هو المقصود به حجم القضايا وعبء القضايا التي تكون عند القاضي. يعني يجب أن يكون لديه متسع من الوقت لقراءة القضية وإصدار القرار فيها.

شريف الزعبي: كلاهما. أحب أن أسمع إجابة كليهما.

القاضي عامر القضاة: آه. أما سؤالك، إذا على السؤال الأول، يجب أن يكون الحمل خفيفاً على القاضي، يعني حجم القضايا الذي عنده خفيف لكي يتعامل مع كل قضية بأريحية، يعطيها الوزن الصحيح، يدرسها دراسة متفحصة. إذا كان في قضايا كثيرة جداً، يعني مرهق للقاضي والطاقم الإداري الذي يعمل معه. النوع الأول يؤدي إلى جودة الأحكام، جودة الأحكاء وصياغتها ومتانتها. أما فيما يتعلق بالتدخلات، قصدك الخارجية؟

شريف الزعبي: آه، نعم.

القاضي عامر القضاة: القاضي هو الذي يستقل بنفسه. القاضي هو الذي يصون استقلاله. السلطة القضائية هي مستقلة. معنى مستقلة أنها تنأى بنفسها ولا تقبل بأن يتدخل بها أياً كان من السلطات الأخرى أو من أي جهة كانت. القاضي هو نفسه الذي يصنع هذا الاستقلال. دعني أكمل لك. نحن في مجتمع متحاب، متواد، متعارف، علاقات النسب متشابكة من الرمثا إلى العقبة. أي واحد تقول له: أتعرف فلاناً؟ يقول: متزوج بنت عمي. أتعرف فلاناً؟ يقول: زوج خالتي. الناس متواصلة مع بعضها وتعرف بعضها بحكم الدراسة. تدرس أنت في جامعة، كل أصحابك يصبحون بعد فترة يتواصلون معك. فالقاضي ليس بمنأى ولا بمعزل عن هذا المجتمع، إلا أنه هو الذي يصون استقلاله. ممكن يتقبل اتصالاً هاتفياً، ممكن يتقبل اتصالاً هاتفياً، لكنه سيتقبله بدبلوماسية. معنى الاتصال الهاتفي مفهوم. لا أقبل بأن هذا الاتصال الهاتفي يهدر حقاً لأي شخص متخاصم عندي. لا أقبل. لكن أقابل هذا الاتصال الهاتفي، لا أكون يعني جافاً بالرد. بالنتيجة، أنا الذي أصدر قراري. ليس معنى أن كل اتصال هاتفي ورد أو ادعى من أي شخص بأنه على علاقة بهذا القاضي أنه قد ضمن هذا القرار. الذي يصنع هذه الضجة الكبيرة هو المواطن نفسه.

شريف الزعبي: وجه للمواطن.

القاضي عامر القضاة: حقيقة، في ناس من المواطنين، مع الاحترام لهم، لا يزالون في موضوع أن فلاناً يعرف القاضي، فلاناً يمون على القاضي، أرسلوا فلاناً من الجهة المعينة، دعه يرى لك القاضي، دعه يتصل به هاتفياً. القاضي، أنا أتحدث الآن بالخبرة القضائية التي كنت فيها، وأزعم بأن جميع أعضاء السلطة القضائية هم كذلك، مستقلون بذاتهم، لا يقبلون أي تدخل. معنى أني أقابلك وأضحك في وجهك، لكن أنا اتخذت القرار وأصدرته.

شريف الزعبي: من خلال تجربتك، من هي أكثر جهة… يعني إذا أردت أن أسمي اليوم، من هي أكثر جهة تحاول أن… مثلاً كما قلت أنت، هذا الهاتف أن يرفعوه؟ هل السلطة التنفيذية؟ هل العشائر؟ هل الزملاء مثلاً؟

القاضي عامر القضاة: هذه التدخلات لا تجدي نفعاً. يعني، بين قوسين سأضعها لك. هذه التدخلات عند القاضي لا تجدي نفعاً، أي جهة كانت. هي مجرد اتصال هاتفي عابر، يقابل بالاحترام، لكن لا يؤثر على سير القضية. إخواننا النواب يتواصلون إما بزيارة للمكتب أو باتصال هاتفي، معروف. القاضي الذي يخدم بالمناطق العشائرية، هناك في… في… في المناطق التي فيها ثقل عشائري، في أشخاص محترمون يقومون بإصلاح ذات البين، هي تدخل إلى كل الأماكن، لكن ثق تماماً، وأنا يعني إلى حد ما متأكد مما أقول، لأني أنا مررت بهذه التجربة، يستقبله القاضي، وأهلاً وسهلاً، ويرحب به، ويسقيه فنجان قهوة، لكن والله بالنهاية لا يعطي إلا ما في القانون متراساً فقط، لأن القانون يحكم الطرفين. هناك قسم يؤديه القاضي قبل أن يكون قاضياً، هناك خبرات قد اكتسبها، هناك تدريس لحينما صار قاضياً، درس في المعهد القضائي. أساس عمله هو الفهم القانوني، الدين، الخلق. لا يقبل أن يأخذ حق واحد ويعطيه لواحد. لا يمكن.

شريف الزعبي: اشرح لي ما هو القاضي العشائري، وماذا يفرق عن حضراتكم الذين تداومون في المحكمة؟

القاضي عامر القضاة: لست ملماً كثيراً أنا بالقضاء العشائري، لكن جانب القضاء العشائري جانب مختلف تماماً. جانب القضاء العشائري هو جانب وقائي أكثر منه علاجي. الجانب الوقائي هو أنه يقوم بـ… سأقول لك، لملمة شظايا القضية العشائرية التي وقعت في منطقة معينة، لملمة هذه وردات الفعل المجتمعية والاجتماعية قبل أن تصل إلى القضاء. وإن وصلت، تصل بالنذر البسيط اليسير. يعني جاهزة من حيث الصلح. لماذا قلنا وقائي وليس علاجي؟ يقوم بدور مهم جداً جداً القضاء العشائري. يخفف عن السلطة التنفيذية والسلطة القضائية. يوصل الأمور لمنحى إيجابي أقرب إلى الفصل والصلح.

شريف الزعبي: المجلس القضائي، نعم، يحمي القضاة اليوم، نعم؟ هل قدر أن يحمي الكل، أم فعلياً في ناس ما قدر يحميهم من التدخلات الخارجية؟

القاضي عامر القضاة: نرجع لموضوع التدخلات الخارجية. معنى سؤالك أن هناك تدخلاً قد مورس على أحد القضاة، هكذا تقول لي، أنه مورس على أحد القضاة. قلت لك، بالأساس القاضي مستقل وهو الذي يحمي استقلاله. القاضي مستقل وهو الذي يحمي استقلاله. عندنا في الجهاز القضائي جهاز يسمى التفتيش القضائي. غاية جهاز التفتيش القضائي هو مراقبة أعمال القضاة والتصدي لأي شكوى سواء من مواطن أو جهة معينة أو أحد أطراف الخصومة على العمل القضائي وعلى هذا القاضي، ويقوم بعمله بكل جدية واقتدار ويكتب ملخصاً بهذه الواقعة. فبالتالي، مقولة بأن القاضي “بسيده وبيميد” زي ما بده يساوي، لا، في رقابة عليه. عنده السلطة الرئاسية، لكل قاضٍ رئيس محكمة، أيضاً مسؤول بهذا الموضوع. المدعي العام عنده نائب عام، النائب العام فوقه رئيس نيابة عامة، أيضاً هي سلطة تسلسلية رئاسية. بالتالي، ليس أي واحد يقدر… يعني، فيما لو، أنا أقول لا سمح الله، فيما لو سولت له نفسه بالانحراف بمسار معين، لا، في جهات رقابية تستطيع أن تلجأ إليها. وبالتالي، أنا أقول هذه هي الحماية للقاضي: الجهة الرقابية التي هي من ذات الجسم القضائي التي تراقب عمل القاضي.

شريف الزعبي: هل يحق للمواطن أن يشتكي على القاضي؟

القاضي عامر القضاة: كما قلت لك، هو القاضي يقوم بعمل لربما أخطأ أو أصاب. يخطئ ويصيب. ربما هذا الخطأ، أزعم دائماً بأنه غير مقصود، لكن يظن المواطن بأن هذا الخطأ مقصود. هناك جهة قضائية، كما قلت لك، يستطيع أن يتظلم بها. يذهب إلى رئيس المحكمة يقول: والله هذه القضية عند القاضي، أنا والله لست مرتاحاً أن هذه القضية تظل عند هذا القاضي. القاضي رئيس المحكمة يتخذ إجراءً من عنده، ينقل هذه القضية إلى قاضٍ آخر، أيضاً للوصول للشفافية، لكي يطمئن المواطن ويرتاح. يذهب إلى رئيس المجلس القضائي، رئيس المجلس القضائي يحيل إلى التفتيش القضائي. التفتيش القضائي هم قضاة متمرسون، عالمون، عارفون بالفهم القانوني وبالقاضي نفسه. يتابعون إجراءات التحقيق في هذه القضية، وبالتالي ما في إنسان يعني ممكن يتعرض لمظلمة ويروح حقه هدراً يعني. يذهب ويتابع.

شريف الزعبي: قانون استقلال القضاء في 2014، هل حقق أهدافه؟

القاضي عامر القضاة: أعتقد صار عليه تعديلات هذا القانون. قانون 2014 حصل عليه تعديلات. في تعديلات تتعلق بتعيين القاضي، تعديلات تتعلق بمدة التقاعد للقاضي، تتعلق بنقل القاضي، انتداب القاضي، هكذا. لست مطلعاً تماماً على هذه التعديلات، أما ما في شيء يعني يوضع إلا والغاية أن يحققها، التي هي الوصول بالضمانة للقاضي، للحصانة للقاضي، لكي يصدر قراره وهو مرتاح. يعني… لكن حبذا، حبذا، يعني ما أروح… أتمنى بعدما خرجت من القضاء، أتمنى أن هؤلاء الزملاء القضاة يتم إنصافهم في كثير من الأمور. هم للأمانة، ينقصهم أمور كثيرة. ينقصهم أمور كثيرة إذا قارناهم بقطاعات أخرى موجودة في الدولة. ينقصهم بحكم الجهد والعبء المعنوي والمادي الذي يقومون به، من سهر الليالي، من ترك، دعني أقول لك، ترك ملف ذات الحياة، دعني أقول لك إنهم بعيدون كل البعد عن العلاقات الاجتماعية. هو موجود في المحكمة للساعة الثالثة، بعد الساعة الثالثة يذهب إلى بيته، بالكاد يتغدى، وبعدين يبدأ يكتب، لأن اليوم الذي لا يكتب فيه للساعة الثانية عشرة ليلاً، يتراكم عليه العمل. عنده حجم هائل من القضايا.

شريف الزعبي: هو بعيد كل البعد عن هذه الأمور، وأعتقد كمان الحياة الاجتماعية تصبح محدودة، لأنك تتوقع في أي لحظة أن يظهر جارك عندك في قضية.

القاضي عامر القضاة: مئة بالمئة. ألم أقل لك قبل قليل؟ القاضي نفسه هو الذي يحافظ على استقلاله. يجب أن يكون هو بعيداً كل البعد عن الأمور الجانبية التي في المجتمع، حفاظاً على القرار الذي سيصدر منه. والله إن عليهم جهداً كبيراً وعبئاً كبيراً جداً جداً. وللأمانة، أخذوا يعني بعض الامتيازات، لكن ما وصلوا للمرحلة التي يصلون فيها لمستوى جهات أخرى ربما أقل تعباً منهم.

شريف الزعبي: إذا قلنا أن هناك ثغرة قانونية، القاضي عامر القضاة يتمنى أن تسد في يوم من الأيام، ما هي هذه الثغرة؟

القاضي عامر القضاة: قانونية أم فيما يتعلق بعمل القاضي؟

شريف الزعبي: لا، لا، قانونية. يعني مثلاً، ما هي أكثر القضايا التي كانت تأتي لحضرتك وفعلياً فيها ثغرة وكانوا يستغلونها المحامون مثلاً، لكن خلص، هذا قانون.

القاضي عامر القضاة: يعني موضوع إسقاط الحق الشخصي في القضايا التي ذات رأي عام والتي فعلاً أثرت على المجني عليه. يتم الضغط بكل القوى على هذا الشخص وهو مجني عليه ومصاب ومكلوم، هو وعائلته، ووجهاء ذاهبون قادمون ليسقط حقه الشخصي. يوضع القاضي، قناعة القاضي بأن هذا الشخص مجرم، ولا يجوز أنه يعني يفلت ويخرج، لكن يضعونك بمنطق قانوني، ها، أنت قلت ثغرة قانونية، يضعونك بمنطق قانوني. يأتيك المحامي أو الأهل يقولون لك: يا عمي، أليس عندك إسقاط حق شخصي؟ طيب، ماشي، إسقاط حق شخصي، في الحق العام، في حق المجتمع، في الأثر النفسي للعائلة، في أمور كثيرة يجب أن يشعر هذا الشخص الذي ارتكب الفعل بأن هناك عقوبة رادعة، يجب أن يحقق الردع العام أمام المجتمع. هذه ثغرة للأمانة، هي تضع القاضي، تكبله. يعني لما يأتوا يصبحون يقولون له: طيب ما هو أسقط حقه، أنت لماذا يعني، أنت رافض إخلاء سبيله بالكفالة؟ هذه نقطة قانونية.

شريف الزعبي: صحيح. إذا كان هناك غموض في النصوص القانونية، نعم، فهل يحق للقاضي، أو هل يكون للقاضي سلطة في إصدار الأحكام؟

القاضي عامر القضاة: أنا لا أريد أن أقول غموض، لأنه القاضي قبل أن يقسم اليمين ليتولى منصب القضاء، هو على درجة عالية من الفهم القانوني والعلم والدراية والخبرة. إما مارس العمل الكتابي والإداري في المحكمة لفترة طويلة ليتأهل ويدخل المعهد القضائي، وبالتالي درس ثلاث سنوات وأصبح قاضياً. فهو قادر على تفسير هذه النصوص. أنا أقول لا يوجد غموض لسببين: أولاً أنه متمرس على المصطلحات القانونية ابتداءً حينما أخذ شهادة البكالوريوس في الحقوق، هو عارف بالمصطلحات القانونية. تدرب عليها وسمعها ومارسها أثناء العمل الكتابي. أيضاً بالخبرة، تدرب عليها في المعهد القضائي وأصبح قاضياً. أيضاً هناك يعني سوابق في محاكم أعلى بالنسبة لمثل هذا النص. يستطيع أن يرجع إلى قرارات محكمة التمييز بهذا الموضوع ويرى ماذا قالت محكمة التمييز في القضية المعروضة. إذا كان هناك غموض في النص، القاضي ليس مطلوباً منه التشريع. القاضي يطبق نصاً قانونياً جاء إليه من سلطة تشريعية.

شريف الزعبي: لا يفسرها. لماذا نجد في بعض الأوقات، سيدي، أن بعض المحاكم تكون متشابهة لكن أحكامها مختلفة؟ أليس هذا يخل قليلاً بمبدأ العدالة العام؟

القاضي عامر القضاة: سأعطيك مثالاً حياً على هذه الواقعة. ثلاثة أشخاص ارتكبوا جريمة، أحدهم حدث، والثاني عسكري، والثالث لا حدث ولا عسكري، فوق الثامنة عشرة. جهة الاختصاص في المحاكمة والتحقيق مختلفة لثلاثة أشخاص. هذا عند مدعي عام الأحداث، هذا عند مدعي عام المحكمة النظامية، هذا عند مدعي عام، دعنا نقول، المحكمة العسكرية أو محكمة أمن الدولة. الآن جهة القضاء مختصة ثلاث. هذا قُدمت أمامه أدلة، هذا استمع إلى بينات تختلف عن البينات التي تم الاستماع إليها في هذه القضية. لذلك، ليس مستغرباً أن تجد أن في هذه القضية قد صدر قرار بالبراءة، في هذه القضية قد صدر قرار بالإدانة، في هذه القضية قد صدر قرار بعدم المسؤولية. من الذي يفصل بالمرجع؟ إذا كانت بوصف الجناية، المرجعية هي محكمة التمييز. يعني محكمة التمييز لها هي أعلى سلطة قضائية إذا كانت بوصف الجنائي. لكن هذا هو الواقع العملي التمثيلي لمثل هذه الحالة. لا يوجد هنا ما قلته لي وسألتني عنه، الذي هو تناقض في الأحكام. الآن لغايات أن تتوحد الأحكام، حبذا، حبذا، وهذه أمنية، حبذا لو أن كل الجهاز القضائي تحت راية واحدة وسلطة واحدة ومرجعية واحدة. لكن هذه من الحالات التي تحدث. صحيح، قضية هنا صدر حكم، هنا صدر حكم، هنا صدر حكم. الآن لو كانوا كلهم تحت مظلة هيئة حاكمة واحدة، قاضٍ واحد، ربما الموضوع يختلف قليلاً.

شريف الزعبي: صحيح. سيدي، كيف كنتم تتعاملون طيب مع الاختلاف والتعارض بين قانون العمل وقانون الخدمة المدنية؟

القاضي عامر القضاة: سيدي، لا يوجد تعارض بين قانون العمل وقانون الخدمة المدنية. من قال لك إن هناك تعارضاً بينهما؟ صار في يعني لبس، لبس إعلامي.

شريف الزعبي: لا، نحن نتحدث عن الواقع والقانون.

القاضي عامر القضاة: القرارات التي تصدر بحق الموظف العام هي قرارات إدارية، وبالتالي جهة الطعن فيها جهة مختلفة عن جهة النزاعات العمالية التي تقع بين العامل ورب العمل. رب العمل، العامل ورب العمل، هناك محكمة مختصة، محكمة الصلح هي التي تفصل بهذا الموضوع. وأيضاً القضايا العمالية لها صفة الاستعجال. أما القضايا الإدارية، والله موظف تظلم من قرار إداري قد صدر بحقه، هناك محكمة إدارية أولى ومحكمة إدارية عليا تفصل بهذا الموضوع. إذاً لا يوجد تعارض. حكم العلاقة، أساس العلاقة التي تربط بين الموظف والسلطة العامة مختلفة تماماً عن العلاقة التي تربط بين العامل ورب العمل. كل واحدة لها…

شريف الزعبي: فهمت عليك. أريد فقط أن أرجع لنقطة أن التنوع، حضرتك أنت مع التنوع في المحاكم؟ يعني هل الأفضل أن يكون هناك محاكم دينية وخاصة، أم أن الكل يكون تحت راية واحدة؟

القاضي عامر القضاة: أنا أتحدث كمحاكم. قصدك أن تتوحد جميع جهات القضاء أمام جهة قضائية واحدة؟ أنا أقول حبذا، وهو شيء لربما مفيد إلى حد ما. لكن بعض القضايا لها خصوصية. بعض القضايا كقضايا الإرهاب تحتاج إلى محكمة مختصة بقضاة مختصين مثل محكمة أمن الدولة. أفراد الأمن العام لهم محكمة خاصة. أفراد القوات المسلحة لهم محكمة خاصة. الطوائف الكنسية، الطوائف المسيحية لهم محكمة خاصة. المحاكم الشرعية محكمة خاصة. أنا ليس هكذا أريد أن أقول لك، أنا أريد أن أقول شيئاً آخر: التخصص، يا شيخ، ممتاز. التخصص ممتاز. يعني قبل قليل أنت ونحن ندردش قبل التسجيل أقول لك إني أنا مدعي عام ستة عشرة سنة. هذا شيء ممتاز. ليس أن تضعك قاضي سنتين قاضي صلح، بعد فترة نقول لك قليلاً مدعي عام سنتين، بعد فترة نرجعك قاضي بداية سنتين، بعد فترة قاضي جزاء سنتين، قاضي حقوق سنتين. جيد أنه يلم خبرة، لكن أنت إذا تخصصت بمجال معين، تبدع فيه. فإذا كانت هذه المحاكم التي تتحدث عنها كلها مختصة بنوع معين من القضايا، ترى الخبرة التراكمية عند القاضي أو عند المدعي العام، هذه تفيد القضية. شيء رائع جداً. يعني عندنا مثال مثلاً، تم تخصيص هيئة جنايات خاصة في قضايا الفساد في جنايات عمان، مختصة. عارفة الملف ما هو، تصدر قرارات سريعة في الفصل. هذا شيء جيد بالنسبة للخصومة وبالنسبة للأثر على القضية، الذي هو قلنا الردع العام والردع الخاص. شيء ممتاز. التخصص مطلوب والتخصص ممتاز.

شريف الزعبي: سؤال فني، وأرجو أن يتسع صدرك. ستة عشرة سنة حضرتك في القضاء…

القاضي عامر القضاة: ستة عشرة سنة مدعي عام.

شريف الزعبي: مدعي عام، عفواً. ألم تأتك مثلاً قضية أنت تعرف يقيناً من داخلك، من قلبك، أن هذا الشخص مظلوم، لكن على الورق هو مجرم ومتهم؟ في مثل هذه الحالات، كيف تتصرفون؟

القاضي عامر القضاة: صحيح. صارت. صحيح. القناعة الشخصية، القناعة الوجدانية لأي شخص، شوف، إذا كنت متمرساً أنت بعملك، مجرد وقفة الشخص أمامك، ترى أنت تعرف بأنه يكذب أم يتحدث بصدق، مرتكب جرم أم غير مرتكب جرم. لكن أنت مقيد. أنت مقيد كقاضٍ بالأدلة المستنبطة في القضية، وهي دليل قانوني لا يجوز لك أن تستبعدها. لا يجوز بنص القانون وبإجراء مسلكي وإداري لا يجوز لك أن تستبعد هذه. فتحدث أنك عندما تضع رأسك على المخدة، ترى أنك عارف بأن هذا الشخص، هناك شخص آخر هو الذي فعل الفعلة، لكن كل الأدلة التي اجتمعت هي ضد هذا الشخص. أنت لا تستطيع أن تنهي هذه القضية من عندك. تتركها أنت لمحكمة الموضوع. لكن صارت. صحيح.

شريف الزعبي: هل سلطة المدعي العام بالتوقيف مفرطة؟

القاضي عامر القضاة: كيف مفرطة؟ يعني له صلاحية مطلقة، تريد أن تقول؟

شريف الزعبي: صلاحيات المدعي العام في التوقيف…

القاضي عامر القضاة: سابقاً، سابقاً قبل إجراء بعض التعديلات على قانون أصول المحاكمات الجزائية، سابقاً كانت صلاحيته أوسع قليلاً في التوقيف. الآن الصلاحية مقيدة قليلاً في الجنح التي نسميها نحن جنحاً، تصل لحد شهر، لحد شهر. يعني يحقق بالقضية، يوقف لحد شهر. إذا ذهبت عند المحكمة، أيضاً قاضي الصلح لديه في الجنح شهر. أما في الجناية، للمدعي العام صلاحية أكثر في التوقيف. قد تمتد مدة التوقيف مدة معينة، لكن إن امتدت هذه المدة وشارفت على الانتهاء، ولا زال التحقيق جارياً، ولا زلنا بانتظار دليل، يستطيع المدعي العام أن يطالب المحكمة بتمديد التوقيف له. يعني ينسب للمحكمة يقول: مددوا لي فترة إضافية لأني لم أكمل التحقيق في هذه القضية. هناك ضوابط لعملية التوقيف. أما القول بأنها سلطة مطلقة أو مفرطة، لا. الآن في قيود وضمن مدد معينة. الآن عملية الفصل وسرعة الفصل في القضايا أصلاً لا… يعني… لا تؤدي إلى أن نصل لمرحلة والله أريد أن أمدد. هو يكمل بسرعة، تأتي القضايا والأدلة بسرعة، يكمل ويرسلها على المحكمة، والمحكمة تمارس دورها. في السنوات الأخيرة صار تأهيل أكثر للكوادر القضائية وللجهات المساعدة للكوادر القضائية، الغاية منها التسريع في عملية التقاضي. وكان في إنجازات عظيمة فيما يتعلق بسرعة الفصل في القضايا. تعديلات قانونية فيما يتعلق باستئناف القضايا والاعتراض عليها والمدد، فسارعت في عملية الفصل. لم يعد الأمر كما كان في السابق أن واحداً فعلاً يقعد سبعة أشهر موقوفاً وقضيته لا تزال منظورة. أما من الحالات، أذكر أني مددت لواحد ربما قعد عندي خمسة أشهر، كنا ننتظر فيها ورود تقرير ديوان… ليس ديوان، تقرير محاسبي، خبرة محاسبية على مبلغ مالي قد تم اختلاسه. تأخر هذا التقرير، فأنا طالبت بالتمديد لهذا الشخص. وأذكر في حينها، قبل خمسة عشرة سنة، أنه حُكم عليه ربما بخمس سنوات. يعني جيد أنك أوقفت واحداً وحُكم عليه، أما ليس جيداً أنك أوقفت واحداً وبعد فترة يخرج براءة. ترى ليست جيدة.

شريف الزعبي: لا قضية بلا شكوى.

القاضي عامر القضاة: في قضايا تحرك من النيابة العامة بدون شكوى، من الحق العام. وفي قضايا يشترط فيها القانون الشكوى. لا تستطيع النيابة أن تحرك إلا بشكوى. يعني هناك قيد على النيابة العامة. أنا عندما أقول النيابة العامة، المقصود بها المدعي العام والنائب العام. لا يستطيع أن يتحرك فيها فور العلم بها. يده مغلولة بانتظار شكوى أو بانتظار إذن.

شريف الزعبي: في مصطلح، سيدي، وأنا أُعد للحلقة، ظهر لي، الذي هو “منع المحاكمة”. أول شيء، أريدك… أول شق من السؤال، أن تشرح لي ماذا يعني “منع محاكمة”. ثانياً، ما هو أصعب قرار اتخذته بخصوص منع المحاكمة وأثر عليك يعني شخصياً يعني؟

القاضي عامر القضاة: منع المحاكمة هو من القرارات الاستثنائية الواردة بنص القانون لصلاحيات المدعي العام. المدعي العام حينما يباشر التحقيق يصل إلى ثلاثة قرارات: عنده دليل، يقرر الظن في هذه القضية ويحيلها إلى المحكمة. معنى الظن يعني والله ارتكب أو لم يرتكب، يعني هناك دليل. القرار الثاني الذي يأخذه، يقرر الظن في الجنحة وفي الجناية. القرار الثاني الذي يأخذه، له أن يتخذ قراراً بحفظ الأوراق أيضاً. والقرار الأهم، وهو قرار قضائي، قرار بمنع المحاكمة بعد أن يستمع إلى كافة الشهود ويورد كافة الأدلة بحق هذا الشخص الذي أحيل من المركز الأمني أو بناءً على شكوى، يتبين له بأنه لا يوجد دليل أو أن الدليل غير كافٍ. الآن، البعض من المدعين العامين يقول لك: دعني أرسله إلى المحكمة ودع المحكمة تخرجه براءة. لكن هو قرار للمدعي العام، قرار جريء، يختصر إجراءات المحاكمة طالما أنا من عندي ومعي صلاحية بالقانون أن أتخذ هذا القرار. منع محاكمة، ولا يؤخذ عبثاً قرار منع المحاكمة، يعني ليس بسلطة منفردة. هو يخضع لرقابة النائب العام. بالتالي، مجرد ما اتخذته أنت، يجب أن تبعث الملف للنائب العام الذي يدرس ملف القضية، فإذا وجد بأنك فعلاً على حق في القرار الذي اتخذته، يصادق على هذا القرار، وأغلقت القضية. منع المحاكمة يختلف عن البراءة. البراءة عنوان حقيقة، انتهينا. تمركز أو انتهى المركز القانوني للقضية في البراءة أمام المحكمة. لكن منع المحاكمة هو قرار ليس نهائياً. فإذا ورد أي دليل على ذات القضية التي تم منع المحاكمة فيها للمدعي العام، دليل جديد لم يكن موجوداً ابتداءً وورد فيما بعد، يستطيع المدعي العام أن يتخذ قراراً بفتح أوراق التحقيق مرة أخرى. لذلك أنا أقول هو أسلم للقضية وللأشخاص أن يتخذ مثل هذا القرار أمام المدعي العام، لأن الباب بقي مفتوحاً فيما لو تبين أي دليل جديد. وأيضاً يختصر كثيراً من إجراءات المحاكمة، لأنه ممكن أن أذهب أنا إلى المحكمة وأقعد سنة ونصف وبالنهاية سيصدر قرار بالبراءة. ما هي الأعباء والكلف النفسية والمالية التي تكبدها المشتكى عليه حينما أحلتُه إلى المحكمة؟ فأنا اختصرت جهداً كبيراً واختصرت أيضاً من طاقة الجهاز القضائي. هذا هو قرار منع المحاكمة.

شريف الزعبي: هل حدثت معك؟

القاضي عامر القضاة: كثيراً قرارات منع المحاكمة. قلت لك هي من القرارات الجريئة للمدعي العام. كثيراً. يعني أذكر حادثة ما تذهب من بالي، بأنه شخص ما كان قد تم توقيفه بجناية من زميل لي آخر. لما أنا داومت، كانت في المناوبة، يعني يوم عطلة. لما أنا داومت واستلمت القضية وبحثت في هذه القضية، دارت الشكوك حول شخص آخر هو الذي ارتكب هذا الفعل. فتم بمساعدة الأمن العام، ونوجه لهم التحية على الجهود التي يقومون بها في عمل المدعي العام، البحث والتحري ليتبين لنا أن شخصاً آخر هو الذي ارتكب هذا الفعل، خلاف الشخص الذي تم توقيفه على جرم جنائي. فمجرد ما أن وردت الأدلة وتم ضبط الشخص الجديد، قررنا منع المحاكمة للشخص الأول وقررنا… أذكر… تحدثنا مع رئيس المحكمة وشرحنا له هذا الوضع ليتم الإفراج عنه، وعوقب ولوحق ذلك الشخص. وأتذكر أنه كان من فئة الأحداث وحُكم عليه بعقوبة ربما ثلاث سنوات.

شريف الزعبي: أوه. نعم. ما علاقة المدعي العام بالشرطة؟

القاضي عامر القضاة: علاقة المدعي العام أو النيابة العامة بالشرطة مبنية على أسس التفاهم والتوافق والتعاون. لأنه إذا صار أي خلاف في وجهات النظر بين المدعي العام وبين الشرطة، مسار القضية اختلف. هذا التعاون منصوص عليه في القانون. المدعي العام هو رئيس الضابطة العدلية. رئيس الضابطة العدلية، يجب أن نفهم بأن رئيس الضابطة العدلية ليس مسؤولاً عن الشرطة من الناحية الإدارية. فلا يستطيع المدعي العام القول بأنه أنا مسؤول عن ضباط الشرطة أو رئيس المركز الأمني أو مدير الشرطة فيما يتعلق بعمله الإداري. لا، ليس لك الحق في ذلك. لكن أنت رئيس الضابطة العدلية فيما يتعلق بإجراءات القضية التحقيقية التي يباشر فيها رجال الشرطة العمل. هم يعملون تحت إمرة المدعي العام وتوجيهات المدعي العام فيما يتعلق بالقضية التي يعملون بها. فتجد بأن التعاون قائم في مرحلة التحقيق الأولي، التعاون قائم في مرحلة التحقيق الابتدائي، وبكل إجراءات التحقيق. يستطيع أصلاً الأمن العام، هم الذراع القوي للمدعي العام. يعني هم الذين يقومون بكافة إجراءات التحقيق وصولاً للأشخاص والقبض عليهم وإحالتهم إلى المدعي العام، ومتابعة تنفيذ الأحكام عليهم وسوقهم إلى مراكز الإصلاح والتأهيل. علاقة تكاملية، تعاونية، أساسها الفهم القانوني. وخلال هذه الفترة التي خدمتها أنا كمدعٍ عام، وجدت كل التعاون، ولا أنسى يعني من خلال عملي بذاكرتي أن هناك ضباط أمن، كلهم أكفياء، لكن الكفؤ فيهم هو من كان يحمل شهادة القانون. يعني رئيس مركز أمني خريج حقوق، مدير شرطة حقوقي، يعني يفهم المصطلحات القانونية التي أنت تتعامل فيها. فكانوا سريعي الاستجابة ودقيقين في المعلومات التي توضع في ملف القضية التحقيقية.

شريف الزعبي: سيدي، كيف أفهم المواطن العادي أن النيابة العامة قررت أن تحفظ القضية ولا تحاكم الجاني؟ كيف المدعي العام يفهم المواطن؟

القاضي عامر القضاة: أتتني قضية وبدأت أنا أعمل فيها. استمعت للمشتكي، استمعت لشهود المشتكي، كل الأوراق التي قُدمت، سواء من المشتكي نفسه أو من المحامي الذي قدمها، تبين لي بأنه لا يوجد أي… لا توجد جريمة. يعني مجرد أقوال، لا يوجد فعل جرمي. لا يوجد شيء أسوقه أنا للمحكمة لكي يحصل هذا على حكم. فكما قلت لك، هذه من القرارات التي يأخذها المدعي العام، شبيهة بقرار منع المحاكاة الذي قلت لك عنه قبل قليل، فأقرر حفظ الأوراق. أيضاً ليس هذا القرار سلطة مطلقة للمدعي العام. يجب عليه أن يرفعه للنائب العام ويأخذ عليه موافقة النائب العام بحفظ الأوراق. وهنا انتهينا من هذه القضية.

شريف الزعبي: حتى لو حُفظت الأوراق، هل ممكن أنا أن أرجع أرفع قضية مرة أخرى؟

القاضي عامر القضاة: حُفظت، حُفظت الأوراق كونه لم يقدم شيئاً يشير إلى وجود فعل. الآن، والله تبين فيما بعد بأنه هناك دليل يستجده، يستطيع، أبواب المحاكم مفتوحة للجميع، يستطيع أن يتقدم بشكوى مرة ثانية، لكن يجب أن يقدم دليلاً، شيئاً جديداً. لكن أن يرجع يقدم نفس الأوراق الأولانية، ستحفظ، ستحفظ مرة ثانية. نعم، صحيح.

شريف الزعبي: سيدي، هل شهدت حالات يكون فيها تمييز بالتعامل مع المتهمين بحسب مكانتهم الاقتصادية مثلاً، الاجتماعية، من القاضي نفسه؟

القاضي عامر القضاة: لا. شوف، سأقول لك. من يصبغ هذا الشعور على الملأ، خاصة أن السوشيال ميديا لعبت يعني جانباً كبيراً من هذا الموضوع وتغطيته، صحيح. تجد كاتبين: “خبر عاجل: سين مطلوب للمدعي العام. المدعي العام قرر استجواب فلان”. مضبوط ولا لا؟

شريف الزعبي: صحيح.

القاضي عامر القضاة: الآن، عند المدعي العام نفسه أو عند القاضي نفسه، القاضي والمدعي العام لا يميز بين أطراف الخصومة. لا يميز. من الذي يصنع هذه… من الذي يصنع هذه الضجة التي أنت عندما تراها تقول: “إيه، والله فعلاً هذا إجراءات محاكمته مختلفة”؟ هم المواطنون أنفسهم، وسائل الإعلام التي تحدث. يعني تجد أحدهم، ها، مطلوب بقضية بسيطة جداً للمدعي العام، يذهب معه عشرة محامين موقعين على وكالات، وكلهم ذاهبون معه وهو مطلوب على أمر بسيط. هذا يعطي، ماذا؟ يعطي انطباعاً بأنه شخص مهم ذاهب عند المدعي العام. لكن عند المدعي العام نفسه، حينما يغلق الباب للتحقيق، لا يميز بين من علا شأنه من القوم وبين أصغر مواطن، وكلهم لهم الاحترام.

شريف الزعبي: ما رأيك بقصة هذا المصطلح الجديد الذي ظهر، “المحامي المؤثر”، الذي يكون عنده علاقات ودنيا ويمشي الأمور؟

القاضي عامر القضاة: أيوه. وهذه نربطها بنفس السالفة.

شريف الزعبي: بدون حجج قانونية.

القاضي عامر القضاة: ونربطها بنفس السالفة. أنا الآن أتحدث كقاضٍ ذي خبرة سابقة وكمحامٍ حالي. أدعو المواطنين بكل شفافية بأنه لا يوجد شيء اسمه محامٍ مؤثر. القاضي لا يتأثر. القاضي لا يهمه شخصية المحامي مهما علا شأنه. ممكن يكون مؤثراً بأشياء أخرى، لكن عند القاضي لا، ليس مؤثراً. فيا إخواني، يا حبايبي، من له قضية فليكن على ثقة تامة بأن قضيته تعامل بمنتهى الشفافية، سواء كان المحامي سين أو صاد، أو مهما كانت مكانته.

شريف الزعبي: لكن هذا كلام متداول بين الناس.

القاضي عامر القضاة: نعم. “شوف المحامي فلان الفلاني، هذا علاقاته قوية جداً جداً مع القضاة”. لا، هذا أنا أنفيه تماماً، إطلاقاً. سواء بعملي في القضاء أو بعملي كمحامٍ. لا يوجد محامٍ مؤثر. هذا الناس يتحدثون به. صحيح، الناس هم الذين يسوقونه، لكن عند القاضي لا، كلهم سواسية. سواسية، آه، طبعاً.

شريف الزعبي: سيدي، أتاك مجرم وأنت تعلم يقيناً أنه مجرم، خلاص، والأدلة ثابتة عليه، ومستفز، قليل أدب، طويل اللسان. هل جاءتك مرات أن تتخذ أقصى درجات العقوبة؟ أنا أعرف أن القانون يعطي قليلاً الحد الأدنى من العقوبة وأقصى درجات العقوبة. لكن بسبب أنه قليل حياء وأثر عليك، أنه يعني جد استفزك واستفز عائلة المجني عليه، وليس لك منفذ قانوني أن تعطيه أو تغلظ العقوبة عليه، لكن المنفذ الذي كان لك أنه قليل حياء وهذا ليس له شيء بالقانون، يعني أنت يجب أن تلتزم بالقانون، لكن لهذا السبب، بدل أن تحكم عليه بثلاث، أعطيته خمس سنوات. هل تحدث مع القاضي أم لا؟ أنا لا أريد أن أقول إنها حدثت معك، لا أحب هذه الأسئلة التي تضع الضيف عندي في زاوية. لا، هل تحدث مع القاضي؟

القاضي عامر القضاة: سؤالك حلو جداً جداً. سأقول لك، وهو في صميم عمل القاضي والروح الوجدانية للقاضي. أولاً، القاضي يجب ألا يتأثر بشيء. طالما قبل أن يكون قاضياً، يجب عليه ألا يتأثر بشيء. صحيح هو إنسان ويتأثر، طبعاً. لكن القاضي لا يسقط، لا يسقط السلبيات أو المشاكل الخاصة أو الحالات الخاصة التي يعاني منها في بيته، في طريقه، ها، في ظروفه الخاصة، على المواطن أو القضية المنظورة أمامه. وصلت الفكرة التي أريد أن أوصلها لك؟ أنا ذاهب إلى الدوام معصب، عملت حادث سير أنا قبل أن أذهب إلى الدوام، رأيت من ابني شيئاً وضربته، أثر في نفسيتي. ذهبت والقضية أمامي، أريد أن أصدر فيها حكماً، أريد أن أتخذ فيها إجراءً. يجب ألا تؤثر هذه الظروف الخارجية على عملي كقاضٍ. هكذا وصلت لك الرسالة. الآن، القاضي رؤوف، رحيم. ترى القاضي ليس كثيراً يعني… القاضي يعني مرعب ويخوف، لا، لا، ليس كما يتصور الناس. والله، القاضي إذا استثير أو استفز، الأصل أن يترك القضية ويتنحى عنها ويترك مكتبه ويخرج يذهب إذا استفز أو استثير. “لا يحكم القاضي وهو غضبان”. مضبوط؟ لا يحكم القاضي وهو تحت تأثير أي شيء معين. فقلت لك، الحالات الخاصة، الظروف الخاصة، هذه دعها بعيدة عن حكم القاضي. نرجع لموضوعك، بأنه الحكم الذي هو مقرر له في القانون، أنت تقول لي ربما يزيد بسبب سوء تصرف هذا الشخص؟ لا، لن يزيد في العقوبة، لأنه الأصل أن القاضي لا يتأثر. في أمر مهم، القاضي دائماً صدره وسيع. القاضي يتقبل، الأصل فيه دائماً أن يعامل الناس بابتسامة. يجب أن تعامل الناس بابتسامة حتى ولو كانت ظروفك مهما كانت التي تحدثنا عنها قبل قليل. هذه الابتسامة تكون عليك بحيث أنه يشعر ويرتاح المواطن. طيب، أنت متخذ قرارك. أنت… قرارك متخذه بالقانون. الآن، أتخذ قراري وأنا أضحك ومبتسم، وأتخذ قراري وأنا معصب. طيب، لماذا أتخذ قراري وأنا معصب؟ دع هذا المواطن يدخل عندي وأريحه وأريح نفسيته وأتخذ قراري وأوقفه وأرسله. هل أريد أن أعطي انطباعاً بأنه “مش قادرين نفوت عند القاضي”، “القاضي معصب”، “القاضي صوته عالي”؟ لا. القاضي يتعامل بهدوء ورزانة، وبالنهاية قراره سيأخذه، ومجرد ما يوقع، أخذ قراره. وصلت لك الفكرة بأنه لا… يعني لا يؤثر هذا الكلام الذي حدث في تشديد العقوبة وزيادتها عما هو مقرر له في القانون. القانون واضح، والمشتكي واضح من هو.

شريف الزعبي: طيب، أريد أن أحكي لك أنا قصة حدثت معي. جيد أنك ذكرتني. إن شاء الله يكون… إن شاء الله يكون الذي سأتحدث عنه سامعاً لهذه الحلقة ويتذكرها. أنا أتحدث عن 2005.

القاضي عامر القضاة: آه.

شريف الزعبي: 2005. آه. أنا ذاهب إلى الدوام، زوجتي معي. دخلت بنفق وزارة الداخلية، النفق الذي على دوار الداخلية. دخلت، الدنيا تمطر قليلاً هكذا. عندما دخلت بالداخل، ضغطت على المكابح، كان هناك قليل من المطر، لم يستجب معي المكبح، فزحلقت السيارة على سرعتها وضربت بسيارة وكالة، وكالة، ها. الصحيح أني ألحقت بها ضرراً كبيراً، وسيارتي لم تتضرر كثيراً يعني. تعرف، وقف الرجل، عطلنا السير، بدأ الرجل، زوجتي معي، معصب، لم يترك عليّ ولا مسبة. وأقسم بالله، لا أكذب عليك بحرف يا شريف، لا يمكن أن أنسى هذه الواقعة. يعني أتحفظ على الألفاظ التي ذكرها، لكن من ضمنها “يا حمار” مثلاً. زوجتي، أم راشد، يعني مستغربة من هدوء الأعصاب، ها، ردة الفعل. ولا… ولا حركت ساكناً. بابتسامة بسيطة، تركته حتى أكمل كل ما عنده. ذهبت إليه قلت له: “الله يعطيك العافية والحمد لله على السلامة. أعرف أن الحق عليّ وأنا مستعد لأي شيء”. جاء الشرطة، أخذوا الهويات. أنا في قصر العدل. فيقول لي: “أهلاً يا بيك”. سمع الرجل الآخر: “أهلاً يا بيك”، وجهه اختلف. والله لا أكذب. طبعاً، المسبات التي قالها لي شيء غير طبيعي. جئت طبطبت عليه وقبلته من هنا ومن هنا. قلت له: “أنا مستعجل، مضطر أن أذهب إلى المحكمة”. تحدثت مع واحد، جاء أخذ السيارة، السيارة مؤمنة، وقلت له: “اذهب تابع موضوع التأمين، مر عليّ في المحكمة”. ذهبت، فعلاً كان عندي قضايا كثيرة. حوالي الساعة الواحدة، وإذا به يأتي إلى المكتب. قسماً بالله، الله يمسيه بالخير ويصبحه بالخير أينما كان، هذا الشخص، ما أروعه من عائلة العبيدات. دخل عليّ يقبلني من هنا ويقول لي: “أنا ماذا فعلت؟” قلت له: “لا، أنت عبرت عن حالة غضب انتابتك”. لكن، ما هو كيف تحدث المشاجرات يا شريف؟ كيف تحدث المشاكل التي في الشارع يا شريف؟ بأن الاثنين يثوران، لا أحد يضبط نفسه. فتحدث المشاجرات التي تراها. هذا سب وهذا سب وانتهينا. لكن والله ما حركت ساكناً. يقبلني من هنا ومن هنا وذهب. الصداقة، ولي فترة يعني لم… لم نتواصل كثيراً. الله يسهل أمره أينما كان. هذا الرجل كان خجلان. موضوع السيارة تصلحت، شركة التأمين قامت بذلك، لكن كم كان متألماً على الموقف الذي فعله.

القاضي عامر القضاة: يا سلام. والله هو ليس لأنه يعني تبين فيما بعد بأنه والله هذا الذي سبيت عليه قاضٍ.

شريف الزعبي: على الهدوء الذي أنا قابلته به. والله.

القاضي عامر القضاة: هذه حادثة أحب دائماً أن أسولفها وأذكرها. فالهدوء مطلوب من الجميع. وكلنا نسوق سيارات.

شريف الزعبي: ضبط النفس طبعاً. وكيف تحدث المشاجرات التي في الشوارع؟ قد تصل إلى جنايات ترى.

القاضي عامر القضاة: صحيح، طبعاً. أنه لا أحد يسكت للآخر. خلاص، حادث قضاء الله وقدره، وأحد الطرفين لم يهدأ.

شريف الزعبي: نعم، نعم. المشتكي واضح من هو، والمشتكى عليه واضح، والقانون واضح. في عندنا قضايا في المحاكم تمتد لسنوات. طيب، لماذا؟

القاضي عامر القضاة: نعم. إطالة أمد التقاضي، لها ثلاثة عوامل. عامل لوجستي يتعلق بعمل المحكمة والخدمات الإدارية والمتبوعات التي تتم على القضية. وعامل يتعلق بوكلاء الخصوم أو المواطن نفسه إذا لم يكن له وكيل. وعامل يتعلق بالمدد القانونية المعطاة بنص القانون. المدد القانونية المعطاة بنص القانون… شوف، أنا قبل قليل في بداية اللقاء قلت لك بأنه في السنوات الأخيرة صارت تعديلات على قانون أصول المحاكمات الجزائية. صحيح؟ هذه قصرت من مدد التقاضي. القضية، مع الاحترام، أنا محامٍ، مع الاحترام لكل الزملاء المحامين، البعض والقلة، أقول البعض والقلة، يلجأ إلى موضوع التأجيل والمماطلة. هناك بينات معينة تطلب من جهات أخرى خارج جسم المحكمة، هذه تأخذ فترة حتى تحضر هذه البينات. في بينات تطلب، ترى، من دول أخرى حتى تأتي. هذا كله يساعد على، أو دعنا لا نقول يساعد، يؤدي إلى إطالة أمد التقاضي. لكن قلت لك التعديلات الأخيرة مجملها الهدف منه أن نقصر مدة التقاضي. على العكس، الآن صارت الجلسات كل أسبوع تعقد الجلسة، الغاية منها الإسراع. زماناً كان في قليل من الإطالة لأسباب معينة تتعلق بالقضية ذاتها، بينة مطلوبة من جهة أخرى حتى تأتي، المخاطبات التي تتم الكتابية. كان زماناً التبليغات، الآن يعني تخطينا هذه المرحلة بحيث أنه تم اعتماد التبليغات الإلكترونية، تأتيك أنت رسالة على هاتفك ويعتبر تبليغاً. زماناً ظل يذهب الموظف المختص يقول: لم نعثر عليه، لم نعثر عليه. لا تتحرك القضية ولا شيء إلا بعد أن يتم هذا التبليغ. يعني في أكثر من إجراء صار يسرع بإجراء القضية. أما زماناً، آه صحيح، صحيح.

شريف الزعبي: سؤال، سيدي. أنا اليوم مثلاً، في واحد هددني على الهاتف، وهو يهدد في هاتفي، مثلاً، فيه خاصية التسجيل أو أنا عندي تطبيق يسجل المكالمة. وأنا خائف أن أذهب أشتكي عليه وتصير شكوى بشكوى، هذه القصص، وخلص، أخرج أنا من المولد بلا حمص. لكن على طول وهو يهدد، كبست تسجيل. ولما ذهبت أشتكي عليه، أنا سأحبس لأني سجلت. طيب، حميت نفسي أنا، المفروض.

القاضي عامر القضاة: شوف، هذا اختراق للخصوصية.

شريف الزعبي: ما أنا فاهم أن هذه القصة، لكن…

القاضي عامر القضاة: اختراق للخصوصية. وأنت تصطنع دليلاً لنفسك بهذا الموضوع. أنت تصطنع دليلاً لنفسك. شوف، ما هو الأصل في العملية هذه؟ كالتالي: هي شبيهة بأنه أنا جالس أنا وأنت يا شريف، نحن جالسون، رن عليّ أحد الأشخاص، بدون ما أنت تعرف هذا الشخص، بدون ما أشعره بأني فتحت مكبر الصوت، آتي أنا وأفتح مكبر الصوت. أصبحت لا توجد خصوصية الآن. الآن كانت خصوصية بيني وبينه، لكن الآن هناك مستمع. مضبوط؟ وممكن هو يتحدث وهو يعرفك، ممكن يطالك بأي شيء. مضبوط ولا لا؟

شريف الزعبي: آه، صحيح.

القاضي عامر القضاة: الأصل، واحتراماً للمكالمة التي بيننا، أنا إذا أردت أن أفتح مكبر الصوت في جلسة معينة وأشخاص معروفون لديه، أقول له: “ترى أنا سأفتح مكبر الصوت”. قال لي: “أوكي”، أفتح مكبر الصوت والكل يسمع. موضوع التسجيل الآن صار يخيف. موضوع التسجيل ورط ناساً ببعضهم كثيراً، ترى. هذا التسجيل… هذا اختراق للخصوصية. أنا لست معه. معاقب عليه في القانون. يعني… أقدر أقول لك كالتالي: بأنه والله عقوبة اختراق الخصوصية هذه كم مثلاً مقارنة بالجريمة التي تريد أن تثبت من خلالها هذا التسجيل؟ أيهما أكبر؟ هل ستكون هذه أم تلك؟ فأحياناً ممكن أنك تضطر أن تأخذ هذا الدليل، ها، وتقدمه أمام القاضي.

شريف الزعبي: وهل يؤخذ بها؟

القاضي عامر القضاة: والله إني لا أريد أن أتسرع بالإجابة على هذا الشيء. يؤخذ به من ناحية قانونية أم لا يؤخذ به من ناحية قانونية، لا أريد أن أتسرع وأجيبك. لكن أنا أوضح لك الفكرة بأنه الأصل أن الاتصال خصوصية، وممكن أنا أثناء الاتصال أسب على سين من الناس، ويؤخذ هذا فيما بعد سلاحاً ضدي، ويتم ابتزازي به، ويتم تهديدي به: “إذا لم تعطني، أذهب وأقول لفلان إنك قلت عنه كذا وكذا”. مضبوط ولا لا؟ هذا الذي يحدث.

شريف الزعبي: صحيح، صحيح.

القاضي عامر القضاة: لا أستطيع أن أقول لك مدى قانونية هذا الشيء من عدمه. لكن بالمجمل، لا يجوز أن أسجل لأي شخص. ممكن أقول له: “أريد أن أسجل المكالمة”.

شريف الزعبي: آه، مثلاً.

القاضي عامر القضاة: آه، آه، ممكن. قال لك: “سجل”، ما في مشكلة. أما هكذا، أنا أخدعه وأسجل له مكالمته، ممكن أنقلها لشخص آخر. لا.

شريف الزعبي: يعني نحن مثلاً في الإعلام مثلاً، هذه الحلقة مثلاً، زماناً قبل قانون الجرائم الإلكترونية أو قانون أو تعديل قانون المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع، كان ممكن الضيف أن يرفع عليّ قضية ويقول لي لا تنشر الحلقة.

القاضي عامر القضاة: لكن اليوم هذه ستنشرونها.

شريف الزعبي: آه. سأشتكي عليكم. ما هو اليوم القانون الأردني، وهذه من الأمور التي أحبها، بمجرد جلوسك هنا والأخذ والعطاء، فعلياً هو قبول ضمني. يعني زماناً كنا، يسمونها، نوقع حضرتك على عدم ممانعة.

القاضي عامر القضاة: لا، لا. هو مجرد التواصل لغايات إتمام هذه الحلقة هو قبول ضمني بالنشر. ومسموح لكم بالنشر. على العكس، أنتم ستنشرون شيئاً لم تقوله.

شريف الزعبي: يعني كل الذي قلته. وأنا أعد بالحلقة، طلع لي فجأة هكذا مصطلح. أنا الذي أعرفه أنه في المحاكمة هناك ثلاثة أطراف: محامون، نيابة عامة، قاضٍ. بعدين طلع لي فجأة واحد اسمه “خبير”. من هو الخبير؟ وما دوره؟

القاضي عامر القضاة: من هو الخبير وما دوره؟ أولاً، القاضي لا يفتي أو لا يحكم بعلمه الشخصي.

شريف الزعبي: طبعاً، مهمة هذه.

القاضي عامر القضاة: طبعاً. آه، نتفق على هذه القاعدة.

شريف الزعبي: نعم، متفق جداً.

القاضي عامر القضاة: مضبوط؟ القاضي غير ملم بجميع العلوم. وإن كان ملماً بجميع العلوم، مثلاً يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة ويفهم الكلام صحيحاً، جاء شاهد يتحدث لغة إنجليزية، لا يجوز له أن يستمع إلى الشاهد كونه فاهماً لما يقول إلا بواسطة مترجم. الآن، المترجم والخبير، في قوانين تحكم عملهم. هؤلاء أو أصحاب المهن هؤلاء يتم انتخابهم من قبل المحكمة. المترجم للترجمة فيما بين المشتكي أو المشتكى عليه الذي لا يجيد التحدث باللغة العربية. الخبير يقسم اليمين القانوني بأن يؤدي مهمته بكل صدق وأمانة. يقوم بالترجمة فيما بين هذا الشخص والمحكمة. المحكمة تسأل السؤال باللغة العربية للمترجم، يقوم المترجم بتحويله إلى لغة ذلك الشخص، سواء كان إنجليزياً أو بنغالياً أو إثيوبياً أو أياً كان. يأخذ منه الإجابة ثم يعيد بصياغتها باللغة العربية إلى المحكمة وتسجل في المحضر. هذا فيما يتعلق بالمترجم. وما ينطبق على المترجم ينطبق على الخبير أيضاً. الخبير في مثلاً، خبرة تقدير العطل والضرر عن حادث سير لمركبة، القاضي حتى وإن كان يفهم بهذه الأمور، لا يستطيع أن يتصرف إلا من خلال خبير. يتم انتخاب خبير أيضاً يحلف بأن يقوم بمهمته بكل صدق وأمانة. والخبير يخرج برفقة المحكمة ويكشف على السيارة ويقدم تقريره ويقول بأن الضرر المادي واحد، اثنان، ثلاثة؛ فوات الكسب واحد، اثنان، ثلاثة؛ نقصان القيمة واحد، اثنان، ثلاثة. الخبير معاون للمحكمة. ويجوز للأطراف أنهم يقولوا: “نحن نعترض على الخبير، لا نريده”. لأنه أول شيء يسأله إياه القاضي يقول له: “هل لك مصلحة مع سين أو صاد؟ هل تعرفه؟” لكي يكون حيادياً. يعني حياد القاضي في القضية ينطبق عليه حياد الخبير في هذه القضية. فإذا قال: “والله هذا ابن خالتي أو تربطني به علاقة، ابن عمي أو صديقي”، يجب على الخبير أن يتنحى ولا يقبل بهذه الخبرة. ويجب على المحكمة أن تستبدل الخبير بخبير غيره. الخبير يقوم بدور حساس وجوهري في بينة القضية.

شريف الزعبي: سيدي، احكِ لي عن العطلة القضائية، وهل بالعطلة القضائية فعلياً القضاء يتوقف؟

القاضي عامر القضاة: يعني… لا، لا، لا. الناس فاهمة خطأ. يعني فاهم خطأ يا من سألنا هذا السؤال. لا، الناس فاهمة خطأ. العطلة القضائية، الأصل بأنه الموظف بأي قطاع من قطاعات الدولة له الحق بأخذ إجازة مدة معينة خلال السنة. صحيح؟ ونلاحظ بدوائر الدولة المختلفة بأنه مثلاً الشهر القادم يأخذ إجازة يومين، الشهر الذي يليه يأخذ أسبوعاً. لكن جرى العمل والعرف في العمل القضائي بأنه نحصر إجازات القاضي، المدة التي يريد أن يأخذ فيها إجازة يرتاح، نأخذها من 15/7 إلى 1/9. من 15/7… هذه الفترة الزمنية يتناوب القضاة فيما بينهم ويقسم المدة في المحكمة فيما بينهم. فواحد يأخذ عشرين يوماً من 15/7، واليوم الثاني يكون مداوماً. يوم 1/9 أو باليوم الذي… يعني يوم ما ينهي، الثاني يأخذ إجازة. فموضوع أن والله المحاكم تغلق، لا، المحاكم لا تغلق. أنا أتحدث عن القضايا الجزائية وقضايا التحقيق.

شريف الزعبي: الآن فيما يتعلق بالقضايا الحقوقية، أنت فاهمني لما أقول قضايا جزائية؟

القاضي عامر القضاة: الفرق… أنا لست فاهماً، لكن عشان الناس…

شريف الزعبي: آه، القضايا الحقوقية هي التي تتعلق بمطالبات مالية وتتعلق بالتزامات تعاقدية. لو تأخرت لها يعني شهراً من الزمان بدون افتتاح أي جلسة، عادي. أما القضايا الجزائية التي فيها مساس بحرية الأفراد، واحد موقوف، ها، واحد موقوف، يجب أن تمدد له، يجب أن تمشي أنت بقضيته طالما أنه موقوف. قضايا التحقيق عند المدعي العام، أو النيابة العامة، تكمل بعضها البعض. يعني أنا مدعي عام أخذت إجازة، يأتي زميلي يفتح ملف قضيتي، يأخذ لي نفس القرارات التي كنت سأتخذها ويكمل. فبالتالي القضية سواء كانت معي أنا وأخذت إجازة أو مع زميلي، ظلت القضية ماشية. والقضايا، والجنايات التي فيها موقوفون، لا، تظل. إذا الهيئة هذه أخذت إجازة، تأتي هيئة ثانية بعدها لم تأخذ إجازة، تفتح القضية وتنظرها وتمشي وتستمع للشاهد فيها. فموضوع مقولة بأن القضاء يعطل، لا، القضاء لا يعطل. وتبقى القضايا بمسارها الطبيعي. لكن يرتاحون، الفترة بين 15/7 و 1/9، هي الفترة التي يُحبذ أن يأخذ القاضي فيها الإجازات. هذا لا يعني أنه لا يستطيع أن يأخذ خلال السنة كلها لظرف ما.

القاضي عامر القضاة: آه، طبعاً. أما يفضل أن يأخذ بهذه الفترة.

شريف الزعبي: هل عندنا برنامج حماية الشهود؟ يعني شاهد، كما يقول إخواننا المصريون، “شاهد ملك”، لا يوجد غيره شاهد، وممكن في خطر على حياته. هل عندنا هذا الشيء أن نحميه يعني؟

القاضي عامر القضاة: بحسب علمي، برنامج حماية الشهود، أظن، أظن أنه في قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وإجراءات المحاكمة أمام هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، أعتقد أن هناك شيئاً اسمه حماية الشهود. أعتقد. الأصل أن الجلسات علنية، والأصل أن يفصح عن جميع الأطراف الذين يكونون في القضية. والشاهد يمثل بجلسة علنية أمام الأطراف كلها، ويطلب منه هويته كاملة. لكن أعتقد في قضايا هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، في شيء أنا سمعت عنه، لا أستطيع أن أجزم لك الآن بالإجابة، لكن سمعت عن هذا الشيء في قضايا هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.

شريف الزعبي: طيب، أليس ممكناً أن يكون في خطر على حياته مثلاً، واحد شهد على…

القاضي عامر القضاة: أنا أقول لك هناك شيء من هذا القبيل.

شريف الزعبي: لا، لا، قصدي على هيئة نزاهة ومكافحة الفساد، أعتقد في العمل وهذه القصص. في هذه القصص. أما قصدي واحد مثلاً شهد على قضية عمل…

القاضي عامر القضاة: في شهود يُدعَون إلى لجان التحقيق في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.

شريف الزعبي: الآن حتى على جريمة قتل…

القاضي عامر القضاة: لا، لا، لا.

شريف الزعبي: سؤالي: واحد رأى جريمة قتل، وهو الوحيد الذي رآها. فأنت عارف أن أهل القاتل ممكن أنه قبل إلقاء القبض وقبل هذه القصص، يحاولوا أن يقتلوه أو كذا. هل عندنا شيء يحميه؟

القاضي عامر القضاة: هذا سؤال. يا سيدي، نرجع للمسألة الأولى، قانون منع الجرائم. نرجع أين؟ آه، قانون منع الجرائم. ترى ممكن أن يدخل من هذا الباب، بأنه يستطيع الضابطة العدلية أن تحميه، يوفرون له حماية بواسطة الحاكم الإداري. يوفرون له حماية. أما شيء بالقانون، حد علمي ومعرفتي، لا. أنا أتحدث لك عن القضايا التي فيها فساد أمام هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، هناك شيء يسمى بحماية الشهود. لكن لا أعرف هل هو مطبق أم لا. لا أستطيع أن أجيب في هذا الموضوع.

شريف الزعبي: هل نحتاج اليوم لقضاء، إلى محاكم خاصة بقضايا الفساد، أم أن المحاكم اليوم كافية؟

القاضي عامر القضاة: قبل قليل أنا أشرت لك إلى هذا الموضوع. لا، نحن بحاجة. قل لي لماذا؟

شريف الزعبي: لماذا؟

القاضي عامر القضاة: الاختصاص مطلوب. أنا عندما أركز ذهني كقاضٍ في قضية فساد، اشتغلت أول واحدة، ثانية واحدة، ثالث واحدة، رابع واحدة، ما كله أربع مواد قانونية أشتغل بهن. يصبح عندي خبرة أنا، فأصبح أقرب أنا إلى الشفافية والعدالة والسرعة في الإنجاز. أنا مع أن تكون هناك هيئة متخصصة. عندنا هنا في محكمة جنايات عمان هيئة متخصصة لقضايا الفساد، تمارس جلساتها، سريعة الجلسات، البينات تأتيها وبسرعة. فبالتالي التخصص مطلوب، ونحن تحدثنا عن التخصص قبل هذا، قلت لك التخصص مطلوب. جيد أن الإنسان يكون متخصصاً.

شريف الزعبي: سيدي، إذا رجعت اليوم إلى القضاء، ما هي أول ثلاث أمور تعملها من إصلاحات؟

القاضي عامر القضاة: شوف، أنك تترك القضاء وتخرج لمجال آخر، ترى أنت ترى بعين لا يراها القاضي.

شريف الزعبي: أنا فقط لأوضح، أنا أريد أن أوضح للسادة، أنا سألت هذا السؤال لأن سعادته هو من طلب أن يحال إلى التقاعد، لم يصل لسن معين أو كذا وإلى آخره. أنا آسف، أريد أن أقول للناس، يعني بعد إذنك، يعني أنت من طلبت أن تحال إلى التقاعد.

القاضي عامر القضاة: لا، بسيطة. هو فعلاً بعد أن أكملت خمساً وعشرين سنة، أنا من تقدمت باستدعاء إحالتي على التقاعد. أنا نفسي. وهذا يبعدك عن الأثر، أقدر أن أقول… سأقول لك لماذا. هذا يبعدك عن الأثر النفسي. شوف، الوظيفة العامة والتعلق بها يصبح حياتك وكيانك. فإذا كنت أنت على مكتبك وفجأة لا ترى إلا كتاباً صادراً يقول “أحيلوك على التقاعد”، لا تقل لي أنك لن تتأثر، ستتأثر. لكن أنا يعني… هذه أنا لم أمر بها، لأنه فعلاً أنا الذي ذهبت وقدمت طلب إحالتي على التقاعد لبلوغ السن القانونية. ستسألني لماذا؟ كان لدي خيارات أخرى، ومن ضمن الخيارات أني طرحت نفسي للانتخابات النيابية في ذلك الوقت، ونزلت للنيابة وجبت رقماً كان عالياً جداً، قريباً من النجاح، لكن الحمد لله على كل شيء، لم يحالفني الحظ. وأنا الآن في عمل المحاماة.

شريف الزعبي: ونرجع للسؤال الذي سألته قبل قليل، ما هو؟ إذا رجعت اليوم للقضاء، ما هي أول ثلاث إصلاحات تعملها؟

القاضي عامر القضاة: آه. قلت لك بأنه هذه الفترة التي تركت فيها القضاء، صرت أرى أموراً أنا لم أكن أراها. القاضي جالس بمكتبه، مشغول بقضاياه، لا يعلم وليس معنياً بما يدور خلف مكتبه في الممرات أو خارج قضيته. هناك أمور كثيرة، ترى، يتقول فيها على القاضي، وهو بريء منها براءة تامة. يتقول فيها بأنه “صديقي وسأرى لك القاضي، لا يهمك”. وما أريد أن أتوسع.

شريف الزعبي: إذا رأوا القاضي يضحك مع فلان، قال لك خلاص.

القاضي عامر القضاة: آه، صحيح. فأنا عندما خرجت، رأيت أموراً كثيرة. الآن، موضوع أني لو رجعت، ما هي الإصلاحات؟ ممكن أن أتخذ إجراءات فيما يتعلق بإصلاحات تشريعية مثلاً، أكون سبباً في تحريك إصلاحات تشريعية فيما يتعلق بقانون أصول المحاكمات الجزائية، فيما يتعلق بقانون العقوبات. هناك مواد قانونية من سنة 52 معمول بها يا شريف. لا زلنا نحن نتعامل بمواد قانونية في قانون العقوبات الذي هو معمول به من سنة 1961. عندما تقول الغرامة كانت خمسة دنانير سنة الـ 61، الآن تأتي وتقول غرامة خمسة دنانير، فرق شاسع. يعني خمسة دنانير اليوم… القانون يجب أن يكون متجدداً، موائماً للمرحلة. هناك جرائم مستحدثة، هناك جرائم ما كانت معروفة. الآن في جرائم مستحدثة، كل يوم يظهر عندك جريمة، يجب أن تلاحقها بتشريع يظهر تطبيق القانون عليها. وأمور أخرى تتعلق بأعضاء السلطة القضائية والأطراف المساندة لهم. أنا قلت لك قبل قليل، والله إنهم… والله إنهم بحاجة، بحاجة للدعم بأمور معينة. أنا أعرف خفاياها.

شريف الزعبي: والله العظيم. مثل… يعني أعطنا أمثلة.

القاضي عامر القضاة: يعني مثلاً، القاضي يوم السبت أين يذهب؟ الناس تذهب إما لتحضر جاهة أو تحضر عرساً أو تحضر عطوة، أو يخرجون مع أولادهم، هؤلاء المواطنون العاديون. هذه شغلة. أنا أقول لك ثلثي القضاة يذهبون يوم السبت، لأنه هو اليوم الوحيد الذي يكون فارغاً فيه، يذهب إلى المدينة الصناعية ليصلح سيارته، لأنه هو اليوم الوحيد الذي هو فارغ فيه. عدد القضاة في الأردن، ترى، ليس كبيراً، أقل من ألف. كانت في مطالبات كثيرة، وصارت الأمور بمنحى تصل لمنحى معين، ثم لم تتم الاستجابة لها فيما يتعلق بإعطاء القاضي، ولو ضمن درجات معينة، سيارة، إعفاء جمركي. أنا لا أريد أن أفصل أكثر يا شريف، لكن هناك جهات أخرى وبأعداد كبيرة، ولهم الحق ويتعبون، على عيني ورأسي، لكن أيضاً القاضي يتعب. لماذا القاضي الذي له خدمة خمس سنوات، طيب ما تعطيه إعفاء جمركياً يأخذ سيارة، يشتري سيارة جديدة، على الأقل لا يذهب يراجع وتخرب به في منتصف الطريق؟ هذا جانب على سبيل المثال وليس الحصر، أنا أحكيه. فيما يتعلق بأبناء القضاة، أبناء القضاة الذين يكملون المرحلة الثانوية ليسوا كثيرين. طيب، يعني… يعني نجد بأنهم يتعبون، بعيدون كل البعد عن أولادهم، ترى. وجيد منهم أنهم ينجبون، لأن القاضي مشغول بقضاياه، والله العظيم. جيد أن القاضي ينجب. طيب، أليس من حقه أن يأخذ له مقعداً في جامعة؟

شريف الزعبي: لا يوجد منه هذا الكلام، صحيح؟

القاضي عامر القضاة: لا، يعني حد علمي لغاية الآن وأنا جالس معك، لا، لا يوجد. إن شاء الله بعد الحلقة. أمنياتي أن الدعم ترى موجود، الدعم متواصل. دائماً توصيات جلالة الملك بدعم السلطة القضائية. لكن أنا الآن أتحدث كطرف خالٍ، أنا لست قاضياً، ولست… أنا أتحدث كمواطن عادي، لكن لي تجربة سابقة. أتمنى أن أرى كل زملائي القضاة في أحسن حال. أتمنى أن الجهاز الإداري، الجهاز الإداري الذي يساند القاضي، الذين هم جنود مجهولون، هم الذين يعملون كل شيء، الطابع الذي عند القاضي، رؤساء الأقلام، الموظفون هؤلاء الذين يعملون، يوجه إليهم أيضاً هذا الدعم. موجود وظروفهم جيدة، لكن هم بحاجة لمزيد من هذا الدعم. ومن خلال منبرك، أنا أوجه التحية لكل زملائي.

شريف الزعبي: ونحن أيضاً.

القاضي عامر القضاة: ولكل زملائي الموظفين، الله يعطيهم العافية.

شريف الزعبي: الله يعافيك يا رب. هل تؤيد انتخاب القضاة أم التعيين أفضل، مثل أمريكا؟

القاضي عامر القضاة: لا، لا، التعيين، التعيين. لأنه يأتي التعيين ضمن شروط معينة. أنت تتحكم بهذه الشروط. “الأردنيون متساوون في الحقوق والواجبات”، على عيني ورأسي، هذا نص دستوري.

شريف الزعبي: دستوري، نعم.

القاضي عامر القضاة: مضبوط ولا لا؟ لكن هناك أمور تحتاج قليلاً إلى خصوصية. القاضي، ليس سهلاً أن أصنع قاضياً، ليس سهلاً. ليس أي واحد يصلح أن يكون قاضياً. فبالتالي، أنا أترك هذا الموضوع لرغبات شعبية وشعبوية، “والله يريدون أن يصوتوا على فلان له شعبوية ويصير قاضياً ويتحكم برقاب العباد”؟ لا. أنا مع أن يعين القاضي ضمن شروط معينة. أقول لك، وشروط مشددة كمان لكي يعين هذا القاضي.

شريف الزعبي: آه، فهمت عليك. ما رأيك بمشروع بث المحاكمات على الهواء مباشرة لضمان الشفافية؟ هل يضبط عندنا؟

القاضي عامر القضاة: شوف، ضمان الشفافية أولاً، المحاكم مفتوحة للجميع. المحاكم مفتوحة للجميع. الجلسات، أنا أتحدث لك بنص القانون، المحاكم مفتوحة للجميع. وبالتالي يحق لأي مواطن أن يتوجه إلى المحكمة ويتقدم بأي شكوى. هذا نص. النص الثاني: “جلسات علنية”. تبقى كل الجلسات علنية ما لم تقرر المحكمة اعتبارها سرية لطبيعة نوع القضية أو أطراف هذه القضية. قضايا الأسرة، قضايا الأحداث، تبقى سرية. لكن كل الجلسات علنية. معنى العلنية بأنه تستطيع أنت يا شريف غداً، إذا رأيت نفسك فارغاً، “أريد أن أذهب إلى قصر العدل”، تدخل عند أي قاضٍ، عنده كراسي، تجلس وتظل جالساً وتتفرج.

شريف الزعبي: جد؟

القاضي عامر القضاة: آه، جد، ليس مزاحاً.

شريف الزعبي: أنا كمواطن أستطيع أن أصحو من النوم…

القاضي عامر القضاة: آه طبعاً. ما معنى “الجلسة علنية”؟ اذهب واجلس عند القاضي وظل جالساً. سيسألك القاضي: “ماذا هناك؟” قل له: “والله أنا مواطن وجئت أحضر جلسات”. الآن، إذا كان المكان يسمح ويتسع المجال وما في شيء، سيقول لك: “أهلاً وسهلاً”. وهذه هي تمثل الرقابة الشعبية على عمل القاضي. الرقابة الشعبية على عمل القاضي. الآن، موضوع العلنية وتأثر القاضي بالرأي العام… أريد أن أقول لك شيئاً مهماً، وإن شاء الله يعني من سياسات المجلس القضائي أن يكون في… وأعتقد يوجد ناطق إعلامي للمجلس القضائي. كثير من الحالات بأنه تحدث قضية تأخذ رأياً عاماً على قرار قد صدر من المدعي العام أو القاضي، ويصبح هذا يشرق من هنا كما تفضلت حضرتك، “القاضي أثروا عليه”، “القاضي تحدثوا معه ناس”، “القاضي…” لكن القاضي نفسه لا يستطيع أن يبرر عمله. أقول حبذا لو أنه إذا كانت قضية ذات حجم ورأي عام، ها، أن يخرج والله مندوب من المجلس القضائي ويتحدث بأن القضية واحد، اثنان، ثلاثة. لأن القاضي أحياناً يقع في الظلم، الظلم المجتمعي من التعليقات التي تحدث. صحيح، القاضي محصن وبعيد كل البعد عن… ويلاحق من يكتب عن السلطة القضائية، يعني يكتب بقصد الذم أو بقصد القدح. لكن أنا لكي أوضح وتكون الأمور شفافة، لماذا لا أخرج وأقول والله موضوع القضية واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، لا يؤثر على سير القضية؟ أنت سألتني عن موضوع علانية الجلسات.

شريف الزعبي: آه.

القاضي عامر القضاة: أنا لست أرى أن بث الجلسات على…

شريف الزعبي: بث الجلسات.

القاضي عامر القضاة: يعني في قضايا في محكمة أمن الدولة، أنت تتذكر كانوا… صحيح، آه، كانوا يبثون جزءاً منها ويبثون المرافعات التي تقدم للمحامين والأحكام التي تصدر. لكن أنا شخصياً، أنا مع خصوصية العمل القضائي للأمانة. آه، أنا مع خصوصية العمل القضائي.

شريف الزعبي: أو اختصارها كما قلت حضرتك على الجلسة نفسها وبمن حضر يعني.

القاضي عامر القضاة: خصوصية. في ناس لا يحبون… من أطراف… لا، في ناس لا يحبون أن يعرف أحد، ربما جارك لا يحب أن تعرف أن له قضية، سواء كان مشتكياً أو مشتكى عليه في محكمة معينة. مضبوط ولا لا؟ ما بالك عاد أن تراه فجأة طالعاً وجلسة علنية. المجتمع الأردني له خصوصية. في قضايا معينة لها خصوصية تحتاج إلى الكتمان والسرية.

شريف الزعبي: قرأت وأنا أعد بالحلقة عن قانون منع الجرائم، وبحثت وفتحت الإنترنت ورأيت أشياء كثيرة عليه، وأهم ما لفت انتباهي أنه حصل نقاش عليه في مجلس النواب، ووزير الداخلية أعتقد قال إن وجود القانون، رغم أنه من سنة 52 موجود، يحافظ على السلم المجتمعي. اليوم أنه في ممكن واحد يؤذي أهله، يؤذي ناساً بالشارع، كذا، وما أحد قادر يشتكي، فهذا ممكن الحاكم الإداري أن يلقي القبض عليه. لكن في النهاية النص القانوني فضفاض، يعني لا يوجد فيه تحديد أنه والله… آه والله أن هذا البلطجي أو هذا صاحب العتوات أو القيود عدد معين مثلاً، يحق أن يُلقى القبض عليه. لكن القانون عام، يعني أنا ممكن اليوم أي واحد يتوقف في الشارع رغم أني لست تحت قانون الدفاع وقانون الطوارئ إذا صح التعبير. لا، نحن عندنا قانون عادي، ممكن الحاكم الإداري يحبسني.

القاضي عامر القضاة: ليس بهذا التصور تماماً. أنا أنقل لك الـ…

شريف الزعبي: آه، أعرف، أعرف، أعرف.

القاضي عامر القضاة: لا، أنت “يقال”. يعني… لا، نظرتك تشاؤمية. لا، ليس بهذا… لا، ليس بهذا التصدي. يعني خلال العمل القضائي، ربما أنا دخلت ما لا يقل عن عشر دورات في هذا الموضوع، وكان النقاش الجدلي حول قانونية قانون منع الجرائم. وكان في مطالبات من سين وصاد ومن الخارج يقولون بأنه يعني غير قانوني، غير دستوري، غير… لكن طبيعة مجتمعنا مختلفة. إجراءات القضية كما قلت لك إياها، تأتي من عند المركز الأمني، تذهب إلى المدعي العام، إلى المحكمة، وبعدها القاضي يقرر إما تركه حراً بدون توقيف أو يصدر حكماً عليه. قانونياً عند الجهة القضائية انتهى هذا الإجراء، انتهى هذا الإجراء. مدد التوقيف أمام القاضي وأمام المدعي العام محددة بالقانون، لا يستطيع أن يتجاوزها. لكن انتهت مدة التوقيف ولا زال الخطر على الأمن والسلم المجتمعي موجوداً. في قضايا القتل، في قضايا ما نسميه بقضايا الشرف، خوفاً على أحد أطراف هذه القضية، هنا يتدخل الحاكم الإداري. قانون منع الجرائم وجد لمثل هذه الحالات. الآن، ثمة خلل كان وُجد هنا أو هناك، لا يتعلق بالقانون وإنما يتعلق بأشخاص تطبيق القانون. دائماً يتحدثون ويقولون: “ابتعدوا عن شيء اسمه التعسف باستعمال السلطة”. الآن الحكام الإداريون كلهم على درجة عالية من الوعي والقانونية. هو يعرف ما إذا كان هذا الشخص يشكل خطراً أم لا يشكل خطراً على المجتمع. صاحب أسبقيات، أتاوات في الشارع، يشكل خطورة أم لا يشكل؟ هو يعرف من التقارير التي تأتي إليه من المراجع المختصة. يبقى عنوان التعامل هو ذات الشخص الذي أصدر القرار، ذات الشخص الذي أصدر القرار، الذي هو الحاكم الإداري. فإذا تعامل بمنتهى القانونية والشفافية بما يضمن فعلاً الوصول إلى السلم المجتمعي، لا، أنا أقول لك إن قانون منع الجرائم ضرورة، لازم يكون موجوداً. لأنه كما شرحت لك بالتدرج الأول، صحيح بأن القضاء هو صاحب الصلاحية والسلطة، لكن يقف عند حدود معينة فيما يتعلق بالتوقيف أو فيما يتعلق بالحكم. بعدها هذا سيخرج إلى الشارع. طيب، أين سأذهب به؟ أيضاً أمام الحاكم الإداري، أيضاً لا يُقبل بهذا الموضوع إلا بناءً على شكوى أصلاً. يعني أيضاً المواطن له الحق والملجأ أن يذهب إلى الحاكم الإداري ويقول له: “يا عمي، هذا الذي كان في ذلك اليوم عند المدعي العام وأخرجوه، هو في الشارع ويحمل سكيناً مثلاً ويهددنا”. واضح كلامي؟ فهمت الفكرة التي أريد أن أوصلها لك؟

شريف الزعبي: نعم، نعم. أنا واصلة معك.

القاضي عامر القضاة: آه، ليس بالتشاؤمية التي تقولها أنت.

شريف الزعبي: لا. كيف نوازن بين حرية التعبير وقانون ازدراء الأديان والنيل من هيبة الدولة؟

القاضي عامر القضاة: القانون وُجد للجميع يا شريف. القانون وُجد للجميع، وكل مواطن هو تحت مظلة القانون. معنى “القانون وُجد للجميع” ومعنى “والله حرية التعبير عن الرأي مصونة” ومعنى “لك الحق بالكلام والتعبير”، نقف عند حد أن تعتدي على الآخر. هنا يجب أن يدخل القانون، طبعاً. مجرد ما أنت بأي تصريح أو تلميح، تصريح أو تلميح، مسموع، مقروء، مكتوب، تشير إلى شخص معين، تأخذك العدالة. ليس معنى أنه والله “اطلع عبر زي ما بدك”، أزدري شخصاً من ديانة أخرى، أتناوله على مواقع التواصل الاجتماعي وأقول هذه حرية تعبير ورأي. أقرأ كثيراً أنا من التعليقات التي تحدث على أي موضوع. للأمانة، بعد تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية خفت هذه كثيراً.

شريف الزعبي: صحيح، صحيح.

القاضي عامر القضاة: لاحظ أنت.

شريف الزعبي: والله هو أنا كانت عندي وجهة نظر أنه يعني واحد هكذا متباهٍ بنفسه، وضع صورته مثلاً، وضع صورته على صفحته، صحيح، متباهٍ بنفسه. أنا حر، أريد أن أضع صورتي. تجد من هو الكاره، تجد من هو الحاسد، تجد من هو الذي يغار منه. قليل جداً تجد بأنه معجب به وقاعد يقول له… طيب، هل هكذا سدى تروح وتجيء وتقول لي: “أنا والله أعبر عن رأيي، وحرية التعبير مصونة”؟ لا، سيطالك القانون. والله خفت، والله بعد تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية أنا ألاحظ خفت كثيراً، الذي هو التنمر على الآخرين. والله خفت. أما فيما يتعلق بازدراء الأديان، طبعاً، شيء لا يجوز. أنت تخرج بحكم “والله أنا لي الحق أن أعبر عن الرأي” وأستهزئ بديانة معينة أو بأتباع ديانة معينة. لا يجوز.

شريف الزعبي: في سؤال، يعني هو أنا جايبه من الخارج، ليس للأردن يعني، لكن أحب أن أسمع الرأي القضائي والقانوني. تجريم الزنا، نحن اليوم موجود. صحيح، ممتاز. وفي كثير من الأفعال، دعنا نقول، الإنسانية، بحكم القانون مجرمة غير الزنا. أليس هذا تدخلاً في الحريات الشخصية؟ وكيف ممكن نضبطها بطريقة… عندنا؟

القاضي عامر القضاة: تدخل في الحرية الشخصية؟ نعم.

شريف الزعبي: وكيف ممكن نحن نضبطها بطريقة… يعني أنا عم أسمع اليوم أن هناك بعض القوانين ستناقش في، يعني، مجلس الأمة، بأنه والله الزاني والزانية أن يزوجوهم. يعني هل هذا ممكن ولا لا؟

القاضي عامر القضاة: لا، لا. سأكون صريحاً معك. الرابطة الزوجية رابطة مقدسة ابتداءً. الرابطة الزوجية أساسها ومناطها الشريعة الإسلامية. مضبوط ولا لا؟

شريف الزعبي: صحيح.

القاضي عامر القضاة: هذه الرابطة يجب الحفاظ عليها من كلا الطرفين. هناك أي فعل، أي إخلال قد يصدر من الزوج، وهناك فعل إخلال قد يصدر من الزوجة. للحفاظ على هذه الرابطة، ومن مقتضيات الشريعة ومن مقتضيات الدين والأخلاق والعرف، يجب أن تلاحق هذه القضية. لكن لا تلاحق إلا بشكوى. يعني لا يستطيع المدعي العام أن يضع يده على هذه القضية ويسير فيها بالتحقيق فيها إلا بناءً على شكوى، إما من الزوج إن كانت الزوجة هي الزانية، وإما من الزوجة إن كان الزوج هو الزاني، أو من الولي إن كانت المرأة بلا زوج. أما موضوع أن تقول لي حرية وما حرية، مستغرب من كلامك يا شريف. نحن أعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا وأساسنا التشريعي…

شريف الزعبي: القانون مستمد من الشريعة الإسلامية.

القاضي عامر القضاة: من الشريعة الإسلامية. أنا هنا أريد أن أصل لسؤالي.

شريف الزعبي: القانون مستمد من الشريعة الإسلامية. لا يمكن القول بهذا الكلام بأنه هذه حرية شخصية.

القاضي عامر القضاة: هي حرية شخصية يا ابن الحلال؟ نحن نقول لك العلاقة الزوجية رابطة مقدسة. ما هو الهدف السامي للعلاقة الزوجية؟ لنشأة جيل، ها، جيل سليم، متربٍ. هذا هو الأساس.

شريف الزعبي: هنا أريد أن آخذ منك السؤال الذي بعده من هذه الكلمة. نقارن نحن اليوم السوشيال ميديا والانفتاح العالمي الذي يحدث، أن الحدود الأخلاقية بدأت بالانهيار. الجدار الأخلاقي في الأمة العربية والإسلامية بدأ بالانهيار بسبب الانفتاح الذي يحصل من خلال الهاتف هنا، من خلال السوشيال ميديا، من خلال، دعنا نقول، انفتاح التكنولوجي على الوطن العربي، الذي هو أصلاً مجتمع محافظ، دعنا نقول، إلى حد ما. كيف ممكن أن نحافظ على يعني صيانة الحرية الشخصية بهذا الانفتاح الذي يدخل؟ يعني أنا اليوم عندنا الجيل الحالي، وأنا مدرس بالجامعة، أدرس في جامعة البلقاء التطبيقية وكذا، نرى الجيل الحالي ليس مثلنا. الجامعات اليوم، الجامعات الخاصة، المدارس الخاصة، كذا، ليسوا مثلنا، ليسوا كما نحن تربينا، ليسوا كما نحن كذا. اليوم البنت والشاب ممكن أن يحدث بينهم شيء، كذا. كيف نحن ممكن بالقضاء، بالتشريع، بكذا، نحاول أن نحد من هذا التدفق والكم الهائل من المعلومات التي فعلياً ممكن أن الجدار الأخلاقي يقع؟

القاضي عامر القضاة: والله يا شريف، بالنسبة للجواب على سؤالك، أساس هذا الموضوع كله التربية البيتية. إذا كان لك أي رقابة معينة على أولادك، أنت تستطيع أن تحافظ على هذه المنظومة الأخلاقية التي ربيتهم عليها. الآن إذا تذهب إلى سجلات المحاكم، ستقول الثلث وأكثر من الثلث من القضايا المنظورة أمام المدعين العامين والمحاكم هي تتعلق بخروقات قد تمت على الهاتف المحمول هذا الذي بيد ابنتك أو ابنك، والذين هم ضحايا، أنا أعتبرهم ضحايا، ويعانون هم الأهل، ترى، هم الذين يذهبون ويركضون إلى المحاكم فيما يتعلق بأحدهم دخل إلى خصوصية الابنة، الابنة تواصلت مع شخص، وهذا كله انشغال الأهل والبعد عن أبنائهم، وتركوا أبناءهم، ترى، للهواتف هذه التي بين أيديهم. أنا أقول بأنه جيد من باب الحرية الشخصية، دع ابنك يشعر بأنه يعني مثله مثل غيره، والله معه هاتف ويتواصل مع أصحابه، لكن دع لك أنت هامشاً معيناً من الرقابة على ابنك وابنتك. هكذا أكون جاوبتك. أوصلت لك الفكرة؟

شريف الزعبي: وصلت، طبعاً وصلت. نحن بالأساس كما قلت حضرتك أن البيت…

القاضي عامر القضاة: لكن أنا قصدي أنه اليوم، ما هو هذا بعد خمس وعشرين سنة سيفتح بيتاً.

شريف الزعبي: فما هو البث…

القاضي عامر القضاة: أنا لا أريد، أنت فهمت علي، أنا لا أريد أن أتحدث لك عن ملفات المحاكم بحكم عملي السابق كقاضٍ وبحكم عملي الآن كمحامٍ. لا أريد أن أتحدث. ما أنا أقول لك أكثر من الثلث من العلاقات الزوجية التي انتهت نهاية غير سعيدة، سببها هذا الهاتف. والله العظيم لا أكذب عليك. مواقع التواصل الاجتماعي، فساد الرابطة الزوجية، شيء لا يتصوره العقل يا شريف. كنا زماناً نخاف من السحر والشعوذة… لا، لا سحر ولا شعوذة. لكن أيضاً أرجع وأقول لك بأن السلطة للأب وللأم على الأبناء والرقابة عليهم هي أساس، هي أساس، طبعاً. التنشئة والتربية هي الأساس.

شريف الزعبي: أريد أن أختم بسؤال أو بطلب دائماً أختم به مع ضيوفي الذين يأتون. هذه كاميرا حضرتك، أريدك أن تطلع عليها وتتخيل أمامك ثلاثة أشخاص، عمرهم بين أربعة عشرة وخمسة عشرة سنة، حابين يكملوا مسيرتهم الحياتية في القانون والحقوق. فأريدك أن توجه لهم رسالة، بنتين وشاب، شبين وبنت، ثلاث بنات، ثلاث… يعني بين أعمار الأربعة عشرة والخمسة عشرة سنة. الكاميرا لك.

القاضي عامر القضاة: أنا أقول: أبنائي الأعزاء، دراسة القانون هي من العلوم المجتمعية والاجتماعية التي ترتقي بالإنسان إلى فهم معين. ليس كل من لديه الرغبة أن يدرس القانون قادر على أن يحقق أهداف هذه الدراسة. هناك شيء من الداخل يربطك بهذا التخصص. فإذا عزمت ذاهباً إلى دراسة القانون لغايات أن تصبح قاضياً أو تصبح محامياً، فعليك أن تنهل من معارف ومن علوم أخرى خلاف القانون، لأن القانون يتشابك مع علوم أخرى ولا يمكن أن يكون لوحده. بحاجة إلى اللغة العربية الآن، بحاجة إلى اللغة الإنجليزية. فمن كان لديه الشخصية التي نسميها نحن “كاريزما” معينة أن يكون قاضياً، فليثابر وليتابع ولينهل من المراجع. أبواب المحاكم، ترى، مفتوحة، ويستطيع، يستطيع أي شخص طالب علم أن يذهب إلى أي قاضٍ ويقابل بصدر رحب إذا كان لديه متسع من الوقت، يريد أن يسأل عن قضية معينة، يريد أن يسأل عن معلومة معينة، يحضر جلسات. فهذه تنشئة من البداية لمن هو راغب أن يصبح قاضياً في يوم من الأيام أو يمارس عمل المحاماة. وأتمنى لجميع أبنائنا الطلبة كل التوفيق فيما يسعون إليه.

شريف الزعبي: نورتني.

القاضي عامر القضاة: الله يسعدك. شكراً لك.

شريف الزعبي: شكراً لك. الله يعطيك العافية.

القاضي عامر القضاة: الله يسعدك. تسلم.

شريف الزعبي: شكراً. أعزائي المشاهدين، إذا أعجبتكم الحلقة، ضعوا شير ولايك وسبسكرايب. وأهلاً وسهلاً بكم على منصة “جزيل”. كان معكم شريف الزعبي من “ضيف شريف”. يعطيكم العافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى