في هذه الحلقة من فودكاست “المطل”، نستمع إلى قصة ملهمة لامرأة تحدت الظروف ورفضت الاستسلام، لتكتب فصلاً جديدًا في حياتها مليئًا بالإصرار والنجاح. ضيفتنا اليوم هي ساجدة، صاحبة مشروع “عربة الرشوف”، التي قررت أن تترك وظيفتها الآمنة في ظل أزمة كورونا، وتخوض غمار عالم الأعمال الحرة، لتثبت أن الإرادة والعزيمة يمكن أن تحوّل الحلم إلى واقع.
بداية القصة: من الوظيفة إلى الشارع
بدأت قصة ساجدة في عام 2021، عندما وجدت نفسها في موقف صعب بعد أن فقدت وظيفتها كموظفة في مجال الموارد البشرية بسبب جائحة كورونا. كأم معيلة لطفل صغير، لم يكن لديها رفاهية الانتظار أو التمعن في الخيارات. كانت بحاجة إلى مصدر دخل سريع، وفكرة مبتكرة، فكانت عربة الرشوف، التي حملت معها طعمًا تراثيًا أصيلًا، وحكاية كفاح لا تُنسى.
اختيار الرشوف: فكرة بسيطة بآثار كبيرة
اختارت ساجدة أكلة الرشوف، وهي أكلة تراثية أردنية تعتمد على مكونات بسيطة مثل اللبن والعدس والقمح، لأنها كانت تبحث عن شيء غير تقليدي، ذو قيمة غذائية عالية، ولا يترك فضلات كثيرة. كانت الفكرة في البداية بسيطة: تريد أن تحصل على بعض الدنانير لتأمين احتياجاتها واحتياجات طفلها. لكن المشروع كبر وخرج من يديها، ليتحول إلى علامة مميزة في الشارع الأردني.
التحديات: بين العمل والأمومة
واجهت ساجدة العديد من التحديات، خاصة في الموازنة بين عملها الشاق في الشارع وتربية ابنها. كانت تعمل ساعات طويلة، وتحمل أوزانًا ثقيلة، وتواجه برد الشتاء القارس. بالإضافة إلى ذلك، كانت تشعر بالذنب عندما يشتاق لها طفلها أو عندما تضطر إلى الغياب عن العمل بسبب مرضه. ومع ذلك، كانت تصر على المضي قدمًا، لأنها تريد أن تؤمن مستقبله.
التأثير الإعلامي: سلبيات وإيجابيات
عندما بدأ الإعلام في تسليط الضوء على قصة ساجدة، ساعدها ذلك في انتشار مشروعها وجذب المزيد من الزبائن. لكن الضوء الإعلامي جاء أيضًا بضغوط وتوقعات كبيرة. كثيرون ظنوا أنها تلقت دعمًا ماليًا كبيرًا، لكن الحقيقة أنها اعتمدت على نفسها بشكل كامل، ولم تحصل إلا على دعم بسيط من جهة خارجية واحدة.
فشل المحل والعودة إلى العربة
قررت ساجدة أن تأخذ خطوة أكبر بفتح محل خاص، لكن التجربة لم تكن ناجحة. بسبب قرارات متسرعة ونقص في التخطيط، اضطرت إلى إغلاق المحل بعد أقل من سنة، مما تركها تحت وطأة الديون. كانت هذه الفترة من أصعب الفترات في حياتها، حيث شعرت بالإحباط وفقدان الثقة. لكنها قررت أن تعود إلى الشارع من جديد، وتعيد بناء مشروعها من الصفر.
المواقف المؤثرة: قصص من الزبائن
خلال رحلتها، قابلت ساجدة العديد من الزبائن الذين تركوا أثرًا كبيرًا في حياتها. أحد هؤلاء الزبائن كان رجلاً فقد والدته مؤخرًا، وكانت والدته تصنع الرشوف كل يوم سبت. عندما تذوق الرشوف من ساجدة، أخبرها أن طعمه يشبه طعم والدته تمامًا. هذه الكلمات كانت بمثابة دافع قوي لها لمواصلة العمل.
الطموحات المستقبلية: نحو التخصص في الأكل التراثي
ساجدة لديها حلم كبير بأن تتخصص في الأكل التراثي الأردني، وتوسع مشروعها ليشمل خدمات الكيترينغ والبوفيهات. تريد أن تقدم وجبات كاملة تعكس الثقافة الأردنية، من المقبلات إلى الحلويات. وهي تؤمن بأنها ستصل إلى هذا الهدف، لأنها تعلم أن النجاح يحتاج إلى وقت وصبر.
نصيحة للشباب والفتيات
في نهاية الحلقة، تقدم ساجدة نصيحة للشباب والفتيات الذين يحلمون ببدء مشاريعهم الخاصة. تؤكد على أهمية أن يبدأوا بخطوات صغيرة، دون انتظار الفرصة المثالية أو الدعم الكبير. وتشجع النساء بشكل خاص على أن يكن مستقلات، وأن يتحملن مسؤولية حياتهن وأحلامهن.