فودكاست

رحلة خلع الأقنعة: حوار مع لمى المعايطة | فودكاست سامي يتكلم

في حوار عميق وصريح، استضاف المحاور سامي صانعة المحتوى لمى المعايطة في بودكاست كشف عن رحلة إنسانية جريئة نحو التصالح مع الذات. لم تكن المقابلة مجرد أسئلة وأجوبة، بل كانت بمثابة جلسة تأملية غاصت في مفاهيم القوة والضعف، الألم والسعادة، والحقيقة الكامنة خلف الأقنعة التي نرتديها في مسرح الحياة.

بدأ الحوار بانطلاقة عفوية، لكنه سرعان ما انتقل إلى جوهر شخصية لمى “متعددة الشخصيات”، كما وصفت نفسها. اعترفت بأنها في رحلة مستمرة لاستكشاف ذاتها، وأنها تمتلك ألف وجه، كل يوم تكتشف واحداً جديداً. هذه الفكرة لم تكن مجرد استعارة، بل مفتاح لفهم فلسفتها بأن الإنسان ليس كياناً صلباً، بل هو مجموعة من الأدوار والتجارب التي تصقله.

كانت تجربة مرض السرطان المحور الذي دارت حوله الكثير من الأفكار. كشفت لمى أنها بعد نجاتها، تبنّت دور “الناجية القوية” كدرع تحمي به نفسها، لكنها في داخلها كانت تعيش دور “الضحية” المتألمة. هذا التناقض بين الظاهر والباطن كان مصدر صراع داخلي هائل. أوضحت أن المجتمع يبرمجنا منذ الطفولة على السعي لإرضاء الآخرين، فنبني شخصياتنا على أساس ما يُعجبهم، لا على ما نحن عليه حقاً، مما يخلق أقنعة يصعب خلعها لاحقاً.

جاءت نقطة التحول في حياتها بعد زواجها، حين امتلكت كل ما قد تحلم به أي فتاة من نجاح وشهرة وحياة مستقرة، لكنها لم تكن سعيدة. كانت تلك اللحظة التي وصفتها بـ “دعوة صادقة لرب العالمين” هي بداية رحلتها الحقيقية نحو الداخل. بدأت تواجه “الإيجو” الخاص بها، الذي كان يتغذى على دور الضحية المبطّن بالقوة. كانت آلية العلاج تكمن في المواجهة والكتابة اليومية والتأمل والتصالح مع العيوب، حتى تلك البسيطة التي تظهر على الوجه، متسائلة: “لماذا نعتبر ما هو طبيعي وجزء منا عيباً؟”.

أعادت لمى تعريف العديد من المفاهيم الراسخة. فالألم، من وجهة نظرها، ليس عدواً يجب الهروب منه، بل هو أعظم معلم. استشهدت بتجربتها القاسية في وحدة العناية المركزة، وكيف أن شعور العجز المطلق آنذاك جعلها اليوم أكثر قدرة على فهم معاناة الآخرين وتقديم الحب غير المشروط لهم. أما السعادة، فوصفتها بـ “الوهم”، مؤكدة أن الحقيقة المطلقة تكمن في تقبل الحياة بكل تناقضاتها: خيرها وشرها، ألمها وحلاوتها. فاليقين والتسليم لله هما سلاحها لمواجهة تقلبات الحياة.

امتد الحوار ليشمل نقدها لعصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أشارت إلى الخطر الكبير الذي يمثله إدمان الهواتف على الأجيال الجديدة، واصفة إياه بـ”المخدر الحلال”. وانتقدت تراجع المحتوى الهادف لصالح التفاهة، لكنها لم تلقِ اللوم على صانعي المحتوى فقط، بل حمّلت الجمهور جزءاً من المسؤولية، فالمتابع هو من يمنح القيمة ويصنع النجوم. واستحضرت قصة الراعي والقطيع لتوضح أن لكل شخص الخيار في أن يبقى رأسه في الأرض يتبع القطيع، أو أن يرفعه ليرى ما حوله ويصبح هو الراعي.

في ختام الحوار، وعندما سُئلت عن تعريف الحب، كان جوابها صادماً في بساطته وعمقه: “الحب هو أنا”. شرحت أن قدرتها على حب الآخرين بكل عيوبهم نبعت من قدرتها على حب نفسها أولاً بكل ما فيها من تناقضات. كانت رسالتها الأخيرة للجمهور دعوة صريحة للجميع بأن يتوقفوا عن البحث عن قدوة في الخارج، وأن يدركوا أن “القدوة الحقيقية هي أنفسهم”، وأن رحلة التصالح مع الذات هي أثمن رحلة يمكن أن يخوضها إنسان، لأنها تمنحه أعظم شعور على الإطلاق: الحرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى